طرق الوقاية من الطلاق

طرق الوقاية من الطلاق

الشيخ صباح حميد

قال تعالى:(( ومن آياته أن خلق لكم من انفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودةً ورحمة إن في ذلك لأيتٍ لقوم يتفكرون)) سورة الروم/21.

الزواج رحمة من الله لعباده وسنة من سننه المباركة، قد حثت عليه الشريعة المقدسة على لسان النبيJ ، فقد ورد عنهJ ما بني في الاسلام بناءً احب الى الله تعالى من التزويج([1])، فيكمل به الانسان دينه ويحصن به نفسه، وليبدأ حياة جديدة مبنية على الاستقرار والهدوء والراحة، فالزواج وبناء الاسرة حلم كل انسان وهذا ما تقتضيه طبيعته البشرية، ولكن وفي بعض الآحيان ينقلب الحال ويذهب ذلك الاستقرار والهدوء ، ولأسباب من هنا وهناك تبدأ المشاكل بسرقة تلك المودة والمحبة فتجعل الحياة مظلمة، فالبعض وبطريقة عقلائية سواء كان الزوج او الزوجة او الاثنين معاً يمسك بزمام الامور ويعيد المياه لمجاريها كما يقولون ، فلا يفرط بحبيبه وصديقه ورفيق دربه ولايسمح للمشاكل مهما كثرت ان تهدم كيان أسرته، ولكن البعض الاخر وللأسف من البداية يعلن الاستسلام ولا يفكر بأي حل سوى الطلاق فيعتقد انه الحل الوحيد والمناسب لحل هذه الازمة، ولكي لايصل الانسان لهذه النتيجة المحزنة والهدامة، نذكر بعض الامور التي تساعد على الاستقرار وبناء حياة زوجية ناجحة ومستقرة وهذه الامور بعضها يختص بالرجل وبعضها بالمرأة ومنها ما يشمل الاثنين معاً.

أولاً:- حسن المعاشرة بين الزوجين فهذا شيء رئيسي وطريق معبد لاستمرار الحياة الزوجية بنجاح وهذا قانون الاهي حثت عليه الشريعة وهذه  النقطة تشمل على عدة نقاط:

1- قيام كل من الطرفين بواجباته اتجاه الاخر، سواء كانت هذه الواجبات مادية او معنوية، ففي رسالة الحقوق للأمام السجادA واما حق رعيتك بملك النكاح ، فأن تعلم ان الله جعلها سكناً ومستراحاً وأنساً وواقية، وكذلك كل واحد منكما يجب ان يحمد الله على صاحبه ويعلم ان ذلك نعمة منه عليه ووجب ان يحسن صحبة نعمة الله ويكرمها ويرفق بها وان كان حقك عليها اغلظ وطاعتك بها الزم فيما احببت وكرهت مالم يكن معصية فأن لها حق الرحمة والمؤانسة([2])

2- ان يصبر كل منهما على اذى الاخر ان وجد ويجعل صدره وسيعاً فكم من المشاكل والامور المعقدة حلت وتلاشت مع الصبر، بالإضافة الى الاجر العظيم الذي يحصل عليه الصابر منهما ، فعن النبيJ ( من صبر على سوء خلق امرأته اعطاه الله من الاجر ما اعطى ايوبA ومن صبرت على سوء خلق زوجها اعطاها الله مثل ثواب اسية بنت مزاحم)([3]).

3- عدم محاسبة الزوجة على كل صغيرة او على أمور تافهة او على امور جزئية فأن كثرة المحاسبة والمعاتبة وبشكل دائم ينزع المودة من الزوجين ويكون سبب للزعل والفرقة.

4- ان تبنى الحياة الزوجية ومن أول يوم على الصدق والصراحة من الطرفين وعدم الكذب على الآخر، فعندما يتحلى الزوج والزوجة بهذه الصفات فأنه يشّيد اركان الزوجية ويجعلها قوية ومتماسكة.

5- على الزوج ان يتعامل مع زوجته على انها زوجته وحبيبته وشريكة حياته ، فهي سكنه الروحي كما ان منزلهُ سكنه الخارجي فلا يتعامل معها على انها امرأة فقط او موجود في البيت عمله الطبخ ورعاية الاسرة وليس لها نصيب من المحبة والمودة والاحترام، فالتعامل بهذه الطريقة جناية على المرأة، فالمرأة كما ورد عن أمير المؤمنينA ريحانة([4]) ، فكما ان الرياحين والورود يتعامل معها بلطف ولين خوفاً من ان تكسر او تذبل هكذا ينبغي التعامل مع المرأة، وفي المقابل على الزوجة ان لاتجعل من الرجل فقط وسيلة لجمع المال وتحقيق الرغبات، فيكون مجرد آلة وليس زوج وله مشاعر وأحاسيس.

ثانياً:- ان الغيرة وخصوصاً المفرطة منها وعند كثير من النساء تؤدي في بعض الحالات الى الطلاق او تسبب التعاسة في البيت، فعلى الزوجة ان تنتبه ولا تغفل عن هذا الامر الخطير.

ثالثاً:- ان العلاقة بين الزوجين قد تصاب في بعض الاحيان بالخمول او الفتور، وهذا قد يكون بسبب العمل او مشاكل الحياة، فيجد كل واحدٍ منهما قد ابتعد عن الاخر، وهنا لابد من الانتباه والقيام ببعض الامور التي تشعر الطرف الآخر بالاهتمام والمحبة ، مثلاً الزوج وعند العودة الى المنزل يجلب معه هدية لزوجته حتى وان كانت شيء صغير فالمهم القيمة المعنوية له، او مثلاً في ذكرى يوم زواجهما يقوم باحضار شيء من الحلوى ليؤكد لزوجته انه ما زال يحبها ولم ينسى تلك الايام الجميلة.

رابعاً:- ان الروتين المتكرر وفي بعض الاحيان قد يجعل الحياة مملة فالاستمرار في الحياة ولمدة اشهر او سنين وبوتيرة واحدة من دون تغيير قد يؤثر سلباً على الحياة الزوجية ، فهنا يأتي دور الزوج الناجح للقيام ببعض الامور السهلة والتي من شأنها ان تعيد البسمة للحياة فيقوم الزوج مثلاً بأخذ الزوجة معه في سفرةٍ او زيارة العتبات المقدسة او الذهاب مثلاً الى الحديقة العامة لبعض الوقت وتناول الطعام خارج المنزل وغيرها من الامور الكثيرة.

خامساً:- الاختلاف في وجهات النظر شيء عادي يحصل في كل مكان ، فإذا حصل خلاف بين الزوجين سواء كان في جهات النظر او على شيء آخر فهذا امر طبيعي لكن بشرط ان لايصل الى مرحلة الشجار.

سادساً:- عند حدوث المشاكل بين الزوجين لابد ان يحاول كل واحد منهما كما يقال (تطويق الازمة ) وحل المشكلة بأسرع وقت من خلال التفاهم والتنازل للأخر، ومحاولة حل الازمة بشكل شخصي وعدم اشراك الآخرين بالامور الخاصة.

سابعاً:- الكثير من الرجال تجده في العمل ومع الاصدقاء يوزع الابتسامات والكلام الجميل ولكنه عند الوصول الى المنزل ينسى كل هذا وهذا تقصير في حق الزوجة، فلما تبخل بابتسامة وبإمكانها ان تجعل حياتك سعيدة ، المفروض على الرجل ان يبتسم لزوجته وان يسمعها كلمات الحب والعشق وليس هذا من العيب او الحرام، فعن الامام الصادقA: ( قول الرجل للمرأة احبك لايخرج من قلبها ابداً)([5]).

هذه بعض الامور المهمة التي ذكرناها ويوجد غيرها لم نذكره لعدم اتساع المجال له ، ويبقى لكل انسان ظرفه الخاص وحالته الخاصة فالمفروض به ان يعرف كيف يتصرف وكيف يكون ناجح في حياته الزوجية فالزواج رابطة مقدسة تدوم بالتعاون والمحبة والدعاء للأخر بالصلاح والطلب من الله سبحانه دائماً التوفيق في الحياة الزوجية.

وفي الختام نسأل الله التوفيق لكل المؤمنين في أن تكون حياتهم سعيدة ومتماسكة، وان لا يفكر الانسان بالطلاق اذا ابتلى بالمشاكل الزوجية ، فالطلاق شيء مبغوض عند الله سبحانه ففي الرواية عن الامام الصادقA 🙁 ان الله سبحانه يحب البيت الذي فيه العرس ويبغض البيت الذي فيه  الطلاق، وما من شيء ابغض الى الله عز وجل من الطلاق)([6]).

 

([1]) مكارم الاخلاق ، ص158.

([2]) تحف العقول / ص187.

([3]) مكارم الاخلاق ، ص173.

([4]) نهج البلاغة ، الرواية30

([5]) ميزان الحكمة / حديث 7873.

([6]) وسائل الشيعة ، ج22 ، ص7.