في ظلال آية (28)

في ظلال آية (28)

{وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} (غافر:28).

في الآية الكريمة ثلاثة بحوث:

الأول: ضرورة كتم الإيمان في الحالات الإضطرارية.. 

الثاني: مواجهة الأنبياء والصد عنهم سنة تاريخية.

الثالث: كلام في مفاصل مقولة (الرجل المؤمن).

وسنعرض لها على التوالي:

البحث الأول: ضرورة كتم الإيمان في الحالات الإضطرارية.. 

قال تعالى: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ}، وينبغي الالتفات هنا الى نقاط ثلاث:

النقطة الإولى: من هو هذا الرجل الذي وسمته الآية بأنه يكتم ايمانه؟

وفي مقام الجواب نقول:

جاء في جملة من الروايات بأن اسمه حزقيل، وهو ابن عمٍ لفرعون، والآية محل البحث تؤيد ذلك حيث قال تعالى: {مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ}، وهو من الصدّيقين، حيث ورد في الخبر عن النبي ’: (الصديقون ثلاثة: حبيب النجار، مؤمن آل ياسين، الذي يقول: {اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ} (يس:20-21)، وحزقيل مؤمن آل فرعون، وعلي بن أبي طالب، وهو أفضلهم)[1].

النقطة الثانية: متى قال ذلك؟

هذه الآية مسبوقة بقوله تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ * وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ} (غافر:26–27)، فقد كان هناك تهديد بالقتل لموسى × من جهة فرعون.. ومن هنا جاء كلام هذا الرجل من آل فرعون مستنكرا: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ}.

وهاهنا رواية لطيفة رواها الصدوق في العلل، عن أبي عبد الله × في قول فرعون! {ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى} (غافر:26)، لِمَ لَمْ يقتله، وما الذي منعه؟ قال ×: (منعته رشدته ولا يقتل الأنبياء وأولاد الأنبياء إلا أولاد الزنا)[2].

النقطة الثالثة: لماذا كتم إيمانه؟

قلنا أن هذا الرجل كان ابن عمٍ لفرعون وأحد مستشاريه، ومن هذا الموقع حاول أن يدافع عن النبي × ويؤثر على قرارات فرعون، وواضح أن كتمه لإيمانه فيه مصلحة، وهي الحفاظ على الموقع الذي هو فيه، لأجل خدمة الرسالة الموسوية، إذ لو أنه أعلن إيمانه لَفَقَدَ موقعه وتأثيره على فرعون… وهذا ما قد يسمى بالتقية الإيجابية، أي ممارسة العمل من خلال التقية، وليس ترك العمل والإنزواء والسكوت، وهو ما قد يسمى بالتقية السلبية… 

 

أبو طالب مؤمن قريش

ومن ذلك يتضح أن المؤمن الرسالي العامل لا يتخلى عن دعوته في أحلك الظروف، وأنه يمكن أن يعمل في ظروف التقية وكتم الإيمان… وهو عين ما فعله أبو طالب ×، حيث كان من أوائل المؤمنين بالله تعالى، وأنه لم يك مشركاً في يومٍ ما، وإنما كان على الإبراهيمية الحنيفية البيضاء، ثم آمن بالخاتم ’، والدلائل على ذلك كثيرة، نذكر شيئاً منها هاهنا على وجه الإختصار:

أولاً: مواقفه في الدفاع عن النبي ’ في الشعب وقبله وبعده، حيث كان يُبيت أولاده في فراش النبي ’.

ثانياً: شعره الذي ما زال مثبتا في ديوانه ومنه:

والله لن يصلوا اليك بجمعهم *** حتى أغيب في التراب دفينا

فاصدع بأمرك ما عليك عضاضة *** وابشر بذاك وقر منك عيونا

ودعوتني وعلمت أنك ناصحي *** ولقد دعوت وكنت ثم امينا

ولقد علمت بان دين محمد *** من خير اديان البرية دينا

ومنه قوله:

لقد اكرم الله النبي محمدا *** فاكرم خلق الله في الناس أحمد

وشق له من إسمه ليجله *** فذو العرش محمود وهذا محمد

وغير ذلك كثير، وهو شعر يطفح بالوحدانية والإيمان بالله تبارك وتعالى وبرسوله ’، وفي الخبر عن ابي عبد الله الصادق × قال: (كان أمير المؤمنين × يعجبه أن يروى شعر أبي طالب وأن يدوّن، وقال: تعلموه وعلموه أولادكم، فإنه كان على دين الله، وفيه علم كثير([3]).

ثالثاً: كفالته للنبي وهو طفل له من العمر ست سنوات، بعد رحيل عبد المطلب، والكفالة أمر في غاية الأهمية، حيث تحدث عنها القرآن في قوله تعالى: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} (آل عمران:37)، فإذا كانت مريم وهي الرحم التي حمل المسيح أبى الله أن يكفلها أحد الأحبار، ولم يرض لها كفيلاً إلا النبي زكريا، فكيف يكفل خاتم الأنبياء لرجل مشرك، حسب دعوى القوم؟ ومن الثابت أن الإنسان في سن الصبا يتأثر كثيراً بدين وأخلاق وعادات المربي.

وقد روى الأصحاب عن أبي عبد الله × قال : نزل جبرئيل × على النبي ’ فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول: إني قد حرمت النار على صلب أنزلك وبطن حملك وحجر كفلك، فالصلب صلب أبيك عبد الله بن عبد المطلب والبطن الذي حملك فآمنة بنت وهب وأما حجر كفلك فحجر أبي طالب.

وفي رواية ابن فضال وفاطمة بنت أسد([4]).

رابعاً: ومن أو ضح الأدلة على إيمان الرجل، إبقاء فاطمة بنت أسد تحت أبي طالب، بالرغم من أنها من أوائل المسلمات، وقد أُمر النبي ’ بالتفريق بين الأزواج إذا كان أحدهما مسلم والآخر مشرك.

خامساً: مذهب أهل البيت في أن أبا طالب مات على الإيمان والمحجة البيضاء، وفي ذلك آثار كثيرة…

منها ما رواه علي بن بابويه بإسناد له أن عبد العظيم بن عبد الله العلوي كان مريضا، فكتب إلى أبي الحسن الرضا ×: عرفني يا ابن رسول الله عن الخبر المروي أن أبا طالب في ضحضاح من نار يغلي منه دماغه، فكتب إليه الرضا ’: (بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإنك إن شككت في إيمان أبي طالب كان مصيرك إلى النار)([5]).

وبالاسناد إلى الكراجكي عن رجاله، عن أبان، عن محمد بن يونس، عن أبيه، عن أبي عبد الله × أنه قال: (يا يونس ما يقول الناس في أبي طالب؟ قلت: جعلت فداك يقولون هو في ضحضاح من نار، وفي رجليه نعلان من نار تغلي منهما أم رأسه، فقال: كذب أعداء الله، إن أبا طالب من رفقاء النبيين والصديقين والشهداء الصالحين وحسن أولئك رفيقا)([6]).

وعن علي بن حسان، عن عمه قال: قلت لأبي عبد الله ×: إن الناس يزعمون أن أبا طالب في ضحضاح من نار، فقال: كذبوا، ما بهذا نزل جبرئيل على النبي ’، قلت: وبما نزل؟ قال: أتى جبرئيل في بعض ما كان عليه فقال: يا محمد إن ربك يقرؤك السلام ويقول لك: إن أصحاب الكهف أسروا الايمان وأظهروا الشرك فآتاهم الله أجرهم مرتين، وإن أبا طالب أسر الايمان وأظهر الشرك فأتاه الله أجره مرتين، وما خرج من الدنيا حتى أتته البشارة من الله بالجنة([7]).

وعن العسكري × – في حديث – قال: إن أبا طالب كمؤمن آل فرعون يكتم إيمانه([8]).

وغير ذلك كثير…

سادساً: تسميته بناصر النبي ’ من قبل أمين الوحي جبرئيل، حيث قال للنبي ’ بعد وفاة أبي طالب: يا رسول الله أخرج من مكة فقد مات ناصراك… يعني أبا طالب وخديجة ‘.

سابعاً: ثناء النبي ’ عليه بعد وفاته، في عدة مناسبات منها ما رواه الطوسي والمفيد في أماليهما: جاء أعرابي إلى النبي ’ فقال: والله يا رسول الله لقد أتيناك وما لنا بعير يئط، ولا غنم يغط، ثم أنشأ يقول:

أتيناك يا خير البرية كلها * لترحمنا مما لقينا من الأزل

أتيناك والعذراء يدمى لبانها * وقد شغلت أم الصبي عن الطفل

وألقى بكفيه الفتى استكانة * من الجوع ضعفا ما يمر وما يحلي

ولا شئ مما يأكل الناس عندنا * سوى الحنظل العامي والعلهز الفسل[9]

وليس لنا إلا إليك فرارنا * وأين فرار الناس إلا إلى الرسل

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه: إن هذا الأعرابي يشكو قلة المطر وقحطا شديدا، ثم قام يجر رداءه حتى صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وكان مما حمد ربه أن قال: (الحمد لله الذي علا في السماء فكان عاليا، وفي الأرض قريبا دانيا، أقرب إلينا من حبل الوريد)، ورفع يديه إلى السماء وقال: (اللهم اسقنا غيثا مغيثا، مريئا، مريعا، غدقا، طبقا، عاجلا غير رائث نافعا غير ضائر، تملأ به الضرع، وتنبت به الزرع، وتحيى به الأرض بعد موتها)، فما رد يديه إلى نحره حتى أحدق السحاب بالمدينة كالإكليل، والتقت السماء بأردافها، وجاء أهل البطاح يضجون يا رسول الله: الغرق الغرق، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (اللهم حوالينا ولا علينا) ، فانجاب السحاب عن السماء، فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: لله در أبي طالب لو كان حيا لقرت عيناه، من ينشدنا قوله؟ فقام عمر بن الخطاب فقال: عسى أردت يا رسول الله:

وما حملت من ناقة فوق رحلها * أبر وأوفى ذمة من محمد

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ليس هذا من قول أبي طالب، بل من قول حسان ابن ثابت، فقام علي بن أبي طالب × فقال: كأنك أردت يا رسول الله [قوله]:

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ربيع اليتامى عصمة للأرامل

يلوذ به الهلاك من آل هاشم * فهم عنده في نعمة وفواضل

كذبتم وبيت الله نبزي محمدا * ولما نماصع دونه ونقاتل[10]

ونسلمه حتى نصرع حوله * ونذهل عن أبنائنا والحلائل

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أجل[11].

ثامناً: معرفة أبي طالب بحقيقة النبي ’ قبل بعثته، وقد دل على ذلك حوادث كثيرة، ومن أهمها قصته مع الراهب بحيرا…

عوداً على بدء…

البحث الثاني: مواجهة الأنبياء سنة تاريخية

لا ريب أن من يقرأ القرآن ويطالع تاريخ الأنبياء تحديدا يجد بكل وضوح أنهم ^ عانوا الكثير من أممهم وتجرعوا الكثير من الآلام والصد والعداء والقتل والتشريد، وما جرى بين النبي موسى وفرعون هو حلقة من حلقات ذلك الصراع المرير، وفي الآية محل البحث يتبين كم ضاق ذرعا فرعون بموسى، وكان يرى أن فيه خطرا على ملكه وسلطانه، ولذلك كان يفكر في قتله، بل إنه أعرب عن فكرته هذه بقوله: {ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ}، ولكن الله تعالى حفظ نبيه وأتم حجته…

ويعود السبب في هذه المواجهة ـ على طول الخط ، إلى أن حركات الأنبياء لا تصب في مصلحة الكبراء، وإنما تصب في مصلحة المستضعفين والفقراء، في حين أن الكبراء يريدون استغلال الفقراء والزيادة من الثراء والترف على حسابهم، ولهذا نسمع القرآن في أكثر من مناسبة يصف المواجهين للأنبياء بالمترفين، كقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ * وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} سبأ: 34 – 35.

البحث الثالث: كلام في مفاصل مقولة الرجل.

نعود الآن الى مقولة مؤمن آل فرعون بشيء من التحليل ويمكن تقسيمها كالتالي:

قوله تعالى: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ}.

سؤال استنكاري، فحواه: إن موسى لم يفعل شيئا يضرّ بكم، ولم يزاحمكم على سلطانكم، سوى أنه يقول: ربي الله، أفتقتلونه لا لجرم إلا لأنه يقول ربي الله؟… ولكن المسألة هي أن فرعون كان يدعى أنه هو الرب {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} (القصص:38)، ونجاح موسى بدعوته سوف يؤدي الى سحب البساط من تحت فرعون…

قوله تعالى: {وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ}.

وهذا الرجل لم يكن صاحب دعوى فارغة من دون دليل، بل قد جاءكم بالمعاجز والدلائل التي تؤكد ارتباطه بالسماء، وقد صرح الكتاب العزيز بأنها تسع، قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ} الإسراء: 101، وهي كما قال تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ} الأَعراف: 133، فهذه خمسة، ويضاف لها العصا واليد البيضاء، وذكر السيد الطباطبائي: السنون ونقص الثمرات[12].

قوله تعالى: {وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ}.

وهاهنا وضعهم في زاوية، فهو يقول إن موسى يزعم أنه نبي، وهو بهذا الزعم لا يخلو إما أن يكون صادقا أو كاذباً، فإن كان كاذباً فسوف تعود دعوته بالضرر عليه؛ لأنه سيفشل، ولا يضركم شيئاً، وإن كان صادقاً سوف تخسرون وتهلكون… حيث قال: {وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ}.

والملاحظ هنا أنه قال: {يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ}، ولم يقل يصبكم ما يعدكم، والدقة في هذا التعبير اللطيف تعود الى أن العذاب قسمان: دنيوي وأخروي، أو قل عاجل وآجل.. وإن عصيانكم له سوف يؤدي بكم الى العقاب الدنيوي العاجل… ويبقى العقاب الأخروي الآجل الى يوم تبعثون… وبالفعل كانت نهاية المطاف أن أهلك وأغرق فرعون وجنوده.

قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ}.

وهذه الجملة فيها احتمالان:

الأول: يحتمل أن تكون من كلام مؤمن آل فرعون نفسه، وحكاه الله تعالى هنا.

الثاني: يحتمل أن تكون من كلام الله تعالى وليس من كلام مؤمن آل فرعون، وبها ذيل الله تعالى كلمة هذا الرجل.

وعلى التقدير الأول يكون المعنى إن موسى إن كان كاذبا فليس له رب يهديه وهو مسرف بهذه الدعوة وهذا الزعم.

وعلى التقدير الثاني فإنها تشير بكل وضوح إلى أن الهداية استحقاق.. لا يناله إلا أهلوه، وبما أنكم أسرفتم بالذنوب والعصيان وكذبتم بتكذيبكم الرسول فلن تنالوا الهداية.. وهذا الإحتمال أرجح؛ لأنه قال: {إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي}، وكيف يذكر الله في محضر فرعون وهو يكتم إيمانه…

وهذه القصة تذكرنا ببعض حوادث كربلاء حيث أن دعوات الحسين × أصابت بعض افراد الجيش مباشرة، كحادثة ابن حوزة الذي ألقته فرسه في النار، ورجل آخر هلك عطشاً، وهو يسقى الماء فلا يرتوي… 

 

 

 

 

 

 



[1] أمالي الصدوق، ص564.

[2] علل الشرايع ج1ص58.

[3])) وسائل الشيعة، ج17ص331.

[4])) الكافي، ج1ص446.

[5])) البحار ج35ص110.

[6])) بحار الانوار، ج35ص111.

[7])) وسائل الشيعة، ج16ص231.

[8])) م ن، ج16ص232.

[9] لحنظل العامي: أي اليابس، الذي أتى عليه عام، والعلهز: نبت كالبردي، والفسل: المسترذل الردئ.

[10] يبزى: أي يترك ويسلم، والمماصعة: المقاتلة والمجالدة بالسيوف.

[11] أمالي الطوسي، ص 76.

[12] الميزان، ج13ص216.