أسرة آل شهريار

1ـ أسرة آل شهريار

من الأسر العلمية العريقة الذكر التي عرفت في مدينة النجف، حيث كان لها دورا كبيرا في ترويج الحركة الفكرية في مدرسة النجف، وعرفت كذلك بسدانة المرقد المقدس واستقلت بالخازنية لفترة طويلة من الزمن[1]، ولم تذكر لنا المصادر تاريخ نزوح هذه الأسرة إلى مدينة النجف، لكن تذكر بعض المصادر إنها برزت واشتهرت في أوائل القرن الخامس الهجري[2] وعلى عهد الشيخ الطوسي(قده) وقد كان لها الفضل الكبير في تطوير الحركة العلمية في مدرسة النجف بعد وفاة زعيمها الشيخ الطوسي(قده) ولمع منهم عدد من الفضلاء والعلماء ويذكر محبوبة، كانت هذه الأسرة السبب الوحيد في تكوين الحوزة العلمية في النجف والمصور المحرك ورفع الشلل فانه قام بعقد الجامعة العلمية وتنظيم دروسها حتى أعادت الهجرة إلى مجراها الأول[3]. ومن أهم من برز من هذه الأسرة في مجال العلم:

1ـ الشيخ احمد بن شهريار[4] المكنى بأبي نصر[5] القمي [6]، وكان من العلماء ورواة الحديث[7] وهو معاصر للشيخ الطوسي[8]، ولم تذكر لنا المصادر سنة ولادته ووفاته.

2ـ الشيخ احمد بن محمد بن احمد[9]، هو الحفيد المتقدم ذكره المكنى بأبي عبد الله[10] يروى عن حمزة بن شهريار الخازن رحمه الله بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه في شهر الله الأصم رجب من سنة أربع وخمسين وخمسمائة، قال حدثني خالي السعيد أبو علي الحسن بن محمد بن علي عن والده السعيد أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي[11].

3ـ الشيخ حمزة بن احمد بن شهريار المكنى بأبي طالب[12].

4ـ الشيخ عبد الله بن احمد المكنى بأبي طاهر الخازن، من المعاصرين للشيخ المفيد[13].

5ـ علي بن حمزة بن محمد بن احمد بن شهريار الخازن[14]، وهو آخر أعلام هذه الأسرة الذي تولى الزعامة الدينية في مدرسة النجف سنة 572هـ ، فقد كثرت الرحلة إليه من أهل العلم ورواد الحديث وكان المعول عليه في إدارة رحى العلم بعد الشيخ أبو نصر الطوسي، وهو العاقد لحلقات الحديث والمتكفل بإلقائه، وكان عالما فاضلا إلى أن نبغ المحقق الحلي فأصبحت الرحلة متوجه إليه[15].

6ـ محمد بن احمد بن شهريار المكنى بأبي عبد الله[16] صهر الشيخ الطوسي على ابنته ومن تلامذته.

وقد استمرت هذه الأسرة بأداء دورها العلمي في مدرسة النجف، وكان لها الدور الكبير في بقاء واستمرار الحركة العلمية حتى أواخر القرن السادس الهجري، ثم خمد ضوئها ولم نعد نعرف عنها شيء بعد هذا التاريخ.

وإذا لاحظنا إن هذه الأسرة وصلت إلى قمة ازدهارها ونبوغها وعطائها العلمي في الفترة الواقعة ما بين منتصف القرن الخامس الهجري حتى أوائل القرن السابع الهجري، وإذا تتبعنا أسماء رجالاتها نلحظ أنهم شكلوا نسقاً علمياً خلال فترات متقاربة حيث لم يكن ليخبو صوت احدهم حتى يظهر من يقوم بمهامه ويملأ الفراغ الذي تركه، في حين كان البعض الآخر متعاصرين خلال فترة واحدة.

والأمر الذي يثير الاستغراب إن هذه الأسرة لم تعد تذكر منذ نهائيات القرن السادس الهجري وأوائل القرن السابع الهجري، ولعل ذلك يرجع أن مدرسة النجف كانت تعاني من فتور في دراساتها العلمية، أضف إلى ذلك عدم بروز شخصية علمية من هذه الأسرة تتولى أمر الزعامة الدينية فيها كما حدث من قبل.

وكما عرفت هذه الأسرة بالجانب العلمي عرفت كذلك بتولي وظيفة السدانة في المشهد الشريف، والسدانة هي الحجابة، وسدنة البيت حجبته[17] إي المتولي على إدارة شؤونها وهي شبه حكومة استبدادية يتوارثها الأبناء عن الآباء مرة تضم معها النقابة وذلك إذا كان السادن علوياً.. ويكون السادن هو الحاكم المطلق في البلد[18].

ومن المحتمل إن السدانة ظهرت مع العمارة الأولى للمشهد الشريف حيث رتب عليه خازنا يقوم بتولي وخدمة الحرم المقدس، وقد وقع الشيخ جعفر محبوبة في وهم عندما ذكر انه لما عمر البويهيون المرقد العلوي عينوا السادن والخدمة وأجروا عليهم الأرزاق [19]وهذا ابعد ما يكون لأن السدانة كانت موجودة في الحرم الحيدري قبل أن يعمر البويهيون القبر الشريف.

وهذا ما أشار إليه السيد ابن طاووس عند ذكر العطايا التي وزعها عضد الدولة على سكان المشهد بقوله: وعلى المرتبين من الخازن والبواب على يد أبي الحسن العلوي وعلى يد أبي القاسم بن أبي عائد وأبي القاسم بن أبي عائد وأبي بكر بن يسار رحمه الله[20]، من هذا النص يبدو واضحا إن السدانة كانت موجودة قبل زيارة عضد الدولة للمشهد، وهذا أمر لا يحتاج إلى النقاش أو تأكيد ذلك بالأدلة.

إلا أن المصادر لم تلق الضوء الكامل على تاريخ السدانة في الحرم الشريف ومن تولاها حتى الربع الأخير من القرن الرابع الهجري، ولم يتول هذه أيا كان، أي لابد أن تتوفر فيه بعض الصفات والمميزات التي ترشحه لنيل هذه الوظيفة والى ذاك يشر محبوبة بقوله انه يتولاها أشراف الرجال وأعبائهم وجرى على ذلك أولياء الأمور[21] إضافة إلى المميزات الأخرى التي تؤهله إلى ذلك.

وكما ذكرنا سلفا إن أسرة آل شهريار قد تولت وظيفة السدانة في المشهد الشريف، ولا يعرف تاريخ محدد للسنة التي تولوا فيها هذا المنصب حيث يذكر أغا بزرك الطهراني والذي يستفاد من بعض الإمارات ويغلب على الظن ا ناول من لقب بالخازن من هؤلاء جدهم الأعلى شهريان القمي الذي وصف هو بالخازن في اغلب الاستعمالات وجرت الخازنية في عقبه إلى بطون وانه لقبه به السلطان عضد الدولة الديلمي بعد عمارته المشهد الغروي سنة 369هـ[22].

ويبدو من النص الذي ذكره أغا بزرك إن أول من تولى السدانة من أسرة آل شهريار هو جدهم شهريار القمي، وظلت السدانة تتوارثها هذه الأسرة حتى أواخر القرن السادس الهجري.

وهنالك أمر لابد من الإشارة إليه إن السدانة كانت في بداية أمرها تضم إلى جانبها خدمة الحرم الشريف، ومن ثم بعد ذلك قد فصلت الوظيفتين عن البعض، فأصبح السادن هو المشرف الأول على شؤون وتنظيم الحرم المقدس، وحفظ الهدايا والتحف هي خزانات خوفاً عليها من الضياع أو العبث بها.

وتذكر بعض المصادر انه تولى أمر السدانة بعد هذه الأسرة يحيى بن عليان الخازن في حدود سنة 606هـ[23]، وقد روى عنه السيد بن طاووس بقوله حثنا يحيى بن عليان الخازن بمشهد مولانا أمير المؤمنين(عليه السلان)[24] ويرى أغا بزرك أنه لعله من أحفاد محمد بن أحمد بن شهريار الخازن([25]) ويبدو أن هذا الأمر مستبعد وذلك لان كتب الرجال لم تشر إلى ذلك ولنعتته المصادر بابن شهريار، وحتى لم يترجم مع أفراد هذه الأسرة.

وقد تولت هذه الوظيفة عدة اسر نجفية توارثها الأبناء عن الآباء ولوقتنا الحاضر وبنعت اليوم على القائم بها بـ (الكليدار).

———————————————————————————

[1]   بحر العلوم، مقدمة الحجة على المذاهب ص52.

[2]   محبوبة، ماضي النجف وحاضرها 2/ 402.

[3]  المصدر نفسه، 2/ 403.

[4]   أغا بزرك، طبقات القرن السادس ص16. محبوبة، المصدر نفسه 2/ 402، بحر العلوم، مقدمة الحجة على الذاهب ص52

[5]  أغا بزرك، الصدر نفسه ص16.

[6]   أغا بزرك، ابن شهريار الكبير ص4.

[7]   أغا بزرك، ابن شهريار الكبير ص4.

[8]   محبوبة، ماضي النجف وحاضرها2/ 403، بحر العلوم، مقدمة في الحجة على المذاهب ص52.

[9]   محبوبة، ماضي النجف وحاضرها2/ 403.

[10]   محبوبة، ماضي النجف وحاضرها 2/ 403.

[11]   اليقين في أمرة أمير المؤمنين ص137ـ138.

[12]   وردت ترجمته في الفصل الرابع.

[13]   أغا بزرك، طبقات القرن السادس ص108. محبوبة، ماضي النجف وحاضرها 2/ 404.

[14]   وردت ترجمته في الفصل الرابع.

[15]   الأمين معجم رجال الفكر والأدب ص13.

[16]   وردت ترجمته في الفصل الرابع.

[17]   الجوهري، الصحاح 5/ 2135، مقاييس اللغة 3/ 150.

[18]   محبوبة ماضي النجف وحاضرها 1/ 285.

[19]   محبوبة، المصدر نفسه 1/ 285.

[20])   فرحة الغري ص114.

[21])   محبوبة، ماضي النجف وحاضرها 1/ 258.

[22]   ابن شهريار الكبير3.

[23]   محبوبة، ماضي النجف وحاضرها 1/ 259.

[24]   ابن طاووس، فرحة الغري 113.

[25]   طبقات القرن السادس، ص339.