التفريق القضائي ليس طلاقاً شرعياً
التفريق القضائي ليس طلاقاً شرعياً
الشيخ نجدي الركابي
أجازت القوانين الوضعية المتعلقة بالأحوال الشخصية، ومنها قانون الأحوال الشخصية العراقي النافذ رقم 188 لسنة 1959() المعدل: للقاضي التفريق بين الزوجين لأحد الأسباب المذكورة فيه. فأناب القاضي محل الزوج وخوّله حق إيقاع الطلاق بدلاً عنه.
والتفريق القضائي يكون في حالات معينة (طلاقاً) من قبل القاضي، كحالة عدم الإنفاق أو العيوب أو للشقاق بـين الـزوجين أو للغيبـة أو للحبس أو للتعسف.
وفي حالات أخرى يكون (فسخاً للعقد) من أصله كما في حالة انفساخ العقد الفاسد، أو بسبب الردة أو إسلام أحد الزوجين وبقاء الآخر على الكفر.
ولا يخفى ان هذا التشريع في مجمله يخالف التشريع الالهي، إذ يستلزم لوازم كلها باطلة، وتترتب على هذا البطلان آثار شخصية واجتماعية وخيمة، ويتضح ذلك من خلال ملاحظة الآتي:
أولاً- توجد جملة من الفروق بين الطـلاق والتفريق القضائي، يمكن إجمالها بالآتي:
١- إن الطلاق يتم عن طريق الزوج باختياره وإرادته، ولا يصح أن يفـرض عليـه فرضاَ. أما التفريـق القـضائي، بعـد تمـام موضوعه، بتحقق المقتضي لإيقاعه خارجاَ وارتفاع المانع بعد طلب الزوجة، وعـن طريق القاضي بعد رفع الدعوى إليه، يحققه من دون حاجة إلى رضا الزوج.
٢- لكي يقع الطلاق صحيحاً، فإنه لابد من توفر شروط عدّة؛ منها ما يتعلق بعملية الطلاق نفسها، ومنها ما يتعلق بالمطلق، ومنها ما يتعلق بالمطلقة. أما التفريق القضائي؛ فلا يشترط فيه شيء من هذه الشروط بعد تمام موضـوعه ورفـع الدعوى الى القضاء للمطالبة بالتفريق.
٣- الطلاق الشرعي إما أن يكون بائناً أو رجعياً، أما التفريق القضائي فيقع في أغلب صوره بائناً ليحقق الغرض من تشريعه، لأن الرجعي يحق للزوج فيه الرجوع، فإن رجع انتفت الفائدة والغرض من التشريع.
ثانياً- إن القاضي يمارس نيابة قانونية عن الزوج في أمر اجتماعي حساس بلا دليل شرعي، وإنما بالاستناد إلى ما خوله له القانون من انه صاحب الولاية العامة، فيملك تطليق الزوجة من زوجها حسب أسباب التفريق المنصوص عليها في المواد (40و41و42و43) من قانون الأحوال الشخصية العراقي النافذ. ودليلهم في منحه تلك الولاية مستفاد من إن المدرك الشرعي في مشروعية التفريق القضائي بعض الأحاديث والقواعد الفقهية التي وردت في الواقع بخصوص ما يختص به الأمام المعصوم (ع) أو نائبة الخاص أو العام.
ثالثاً- تترتب على بطلان ذلك التصرف القضائي آثار ونتائج وخيمة، فعدم توفر الشروط الشرعية للطلاق معناه ان الزوجة باقية على زواجها، فيترتب عليه إخلال بواجبها الزوجي، وبطلان أي عقد آخر على رجل آخر بعد ذلك التفريق، ولا يخفى ما يترتب على ذلك من آثار شرعية واجتماعية. فضلاً عن ان وجود أولاد من الزواج اللاحق – ان حصل – سيترتب عليه إخلال في مزاحمتهم ومزاحمتها للميراث المقرر شرعاً للورثة الشرعيين.