المرجع اليعقوبي دام ظله: أسباب التوفيق: الشهيد السعيد الشيخ حسين السويعدي انموذجاً
أكّد سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) على أن بعض الناس- رجالاً ونساءً- يحظون بتوفيق خاص من الله تعالى، وأن هذا التوفيق انما يكون فضلاً من الله تعالى وكرماً يختص به بعض عبادهِ وليس للإنسان دخل فيه إلا من جهة القيام بالأسباب التي أدت بأصحابها إلى هذا التوفيق.
وقال سماحتُهُ: ان فعل هذه الأسباب بأيدينا، لذا يقول في الدعاء (اللهم إني أسألك مُوجبات رحمتك) لأن رحمة الله تعالى من أفعاله سبحانه وما نفعله هو استجلابها بفعل موجباتها.
جاء ذلك في كلمة ألقاها سماحتُهُ (دام ظله) في جمع من الشباب العاملين في مدينة القرنة بمكتبهِ في النجف الاشرف.
وأشار سماحتُهُ إلى إشكالٍ يسوقه البعض مفاده أن عرض سيرة المعصومين وأهل بيتهم (عليهم السلام)، لا يمكن الاستشهاد به على هذا التوفيق لأنهم مخصوصون بكرامة من الله تعالى ولا نستطيع أن نكون مثلهم،وجوابه بأنهم (عليهم السلام) بشر مثلنا ولكنهم تمتعوا بإستعدادٍ فائقٍ للتكامل فأتاهم الله تعالى من فضله والله واسع عليم.
وأكد سماحتُهُ (دام ظله) أن التأريخ حافل بمثل هذه الشخصيات التي نالت قدراً عظيماً من التوفيق الإلهي، ودعا الى الوقوف عند سيرة هذه الشخصيات والتأمل فيها والتعرف على أسباب توفيقها، فإن فعل الأسباب بأيدينا.
وكمثالٍ ذكر سماحتُهُ (دام ظله) احدى الشخصيات التي حظيت بتوفيق إلهي عظيم، عاشت معنا هو الشهيد السعيد الشيخ حسين السويعدي (رضوان الله عليه) الذي كان أول شهيد من أئمة الجمعة الذين عينهم السيد الشهيد الصدر الثاني (قدس سره)،فقد كرّس الشهيد نفسه للإسلام ولإعلاء كلمة الله تعالى ونصرة أوليائه واصلاح العباد، وكان بحق من فتيان الاسلام الذين نعتز بهم وندعو شبابنا للتأسي بهم.
واشار سماحتُهُ (دام ظله) الى بعض خصاله الحميدة، فقد كان باراً بوالديه حاضراً في مساجد الله تعالى ومجالس العزاء للأئمة المعصومين (عليهم السلام)، محباً للناس يؤثر على نفسه ويشتري بمصروفه اليومي بعض الحلويات ويوزعها على الاطفال ليزرع البسمة على وجوههم.
وأستذكر سماحتُهُ (دام ظله) محطات من سيرتهِ العطرة ابتداءً من إلتحاقه بالحوزة العلمية بعد ان وصل الى أسماعه أن السيد الشهيد الصدر الثاني(قدس سره) شجع الشباب الاكاديميين على الإلتحاق بالحوزة العلمية ومروراً بمواظبته على تحصيله العلمي بهمة عالية حتى وصل الى الدروس العليا في الحوزة العلمية، وهو في كل ذلك يلتزم بعبادته، ويواظب على صلاة الليل، تاركاً الغيبة، ساعياً في قضاء حوائج الناس، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، صبوراً على البلاء، ففي بعض ايام دراسته في النجف الاشرف اُخبر بأن زوجته ولدت طفلة وقد ماتت الطفلة، فاحتسبها عند الله تعالى ومضى الى درسه وقد كان يستثمر عطلة نهاية الأسبوع في التبليغ والإرشاد وإمامة الصلاة في بعض مساجد مدينة الصدر في بغداد.
ولفت سماحتُهُ (دام ظله) الى أن ما تحلى به الشهيد الراحل من الإيمان والعمل الصالح والخصال الحميدة كان سبباً واضحاً لإختياره إماماً لصلاة الجمعة في منطقة (المعامل/ الباوية) في بغداد فكان مؤدياً لواجبه الديني والرسالي بكل شجاعة وإقدام، وبكل إيمان بدينه ومرجعه وقائده؛ ولأجل ذلك كان هدفاً لطواغيت النظام آنذاك، مشيراً الى ان محاولات بعض محبيه الذين نصحوه بمغادرة العراق لحفظ حياته كان مصيرها الرفض وعدم القبول منه.
فتعرض الشهيد الراحل للاعتقال بعد خمسة اسابيع تقريبا من إقامة صلاة الجمعة والتعذيب القاسي حتى صدور حكم الاعدام عليه ظلماً بتلفيق التهم له، وتم تنفيذ الحكم عليه بعد ثمانية أشهر تقريباً فكان ذلك مما آلم السيد الشهيد الصدر (قدس سره) لفقدهِ، فقال فيه كلمات إكبار وثناء.
وفي ختام حديثه (دام ظله) عن السيرة العطرة للشيخ الشهيد اضافة سماحتُهُ (دام ظله) ان هذه السيرة بكل ما تضمنته من الانجازات والعمل والجهاد كان عمر الشهيد الراحل لم يتجاوز السادسة والعشرين، و قد كان إستحضار هذه السيرة وفاءاً للشهيد الراحل وبياناً لبعض أسباب التوفيق التي كان لها الدور الواضح في وصوله لهذه المرتبة من التوفيق؛ ولنضعها امام الشباب حتى يتأسوا بهؤلاء الفتية الذين{ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14)} ( الكهف: 14-13)