القراءة بصوت مبحوح هل يصدق عليها انها اخفاتية
القراءة بصوت مبحوح هل يصدق عليها انها اخفاتية
علي الموزاني
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين.
يجب الجهر في صلاة المغرب والعشاء والصبح، ويجب الإخفات في صلاتي الظهر والعصر في خصوص قراءة الحمد والسورة، كما أن وجوب الإخفات فيما سوى الأوليين من ركعات صلاتي المغرب والعشاء إنما هو في خصوص قراءة الحمد أو التسبيحات فيها، وأما في ذكر الركوع والسجود، وكذا في التشهد والتسليم، وفي سائر الأذكار الواجبة في الصلوات الخمس فالمكلف مخير فيها بين الجهر والإخفات.
والمشهور بين الأصحاب وجوب الجهر والاخفاف في مواضعهما في الفرائض اليومية وأنه تبطل الصلاة بتركهما عالماً عامداً، بل هو المجمع عليه لدى المتأخرين, ونقل الشيخ الطوسي في كتاب الخلاف الاجماع عليه لدى المتقدمين.
ولكن المجلسي في بحاره ينقل عن السيد المرتضى “رضي الله عنه” أنهما “الجهر والاخفات” من السنن المؤكدة، وعن ابن الجنيد القول باستحبابهما، ومال اليه هو ايضاً. ج٨٢, ص٧١.
وفي موضع آخر يصرح المجلسي في ذلك قائلاً (الظاهر من الأخبار الواردة عدم وجوب الجهر والاخفات، وأن المصلي مخير بين أقل مراتب الاخفات وأكثر مراتب الجهر في جميع الصلوات). بحار الأنوار, ج٨٢, ص٧٣.
وكيف كان فان ما هو المعمول عليه لدى المتأخرين هو القول بوجوبهما, ولا خلاف في ذلك.
حدهما
واما كيفية تحديد الجهر والاخفات, فقد نقل العلامة المجلسي عن صاحب التذكرة في أقل الجهر بأن يسمع غيره القريب تحقيقا أو تقديرا، وحد الاخفات أن يسمع نفسه أو بحيث يسمع لو كان سميعا بإجماع العلماء وقريب منه كلام المنتهى والمحقق في المعتبر، وجماعة من الأصحاب.
واشكل عليه بأن مع إسماع نفسه يسمع القريب أيضا غالبا، وضبط هذا الحد بينهما في غاية الاشكال إن أمكن ذلك.
ولذا قال بعض المتأخرين: الجهر هو ظهور جوهر الصوت والاخفات هو إخفاء الصوت وهمسه، وإن سمع القريب، ومنهم من أحالهما على العرف ولعله أظهر. بحار الأنوار, ج ٨٢, ص٧١.
والمناط في تحديدهما هو الصدق العرفي فلو صد عرفاً لدى عامة الناس بان هذا النوع من القراءة اخفاتية او جهرية عُمل بها. وهذا هو مختار عُلمانا المعاصرين.
قال السيد الخوئي رحمه الله تعالى في منهاجه (مسألة 628): مناط الجهر والإخفات الصدق العرفي، لا سماع من بجانبه وعدمه، ولا بعدم ظهور جوهر الصوت. وتبعه على ذلك الشيخ الفياض في رسالته(مسألة 620).
وكذلك الحكم لدى السيد الشهيد الصدر (مسألة 795) مناط الجهر والاخفات هو الصدق العرفي، والظاهر انطباقه على ظهور جوهر الصوت وعدمه، لا سماع من بجانبه وعدمه، ودون غير ذلك من الضوابط التي قالوها.
والسيد السيستاني (مسألة 620): يعتبر في القراءة وغيرها من الأذكار والأدعية صدق التكلم بها عرفاً، والتكلم هو الصوت المعتمد على مخارج الفم الملازم لسماع المتكلم همهمته ولو تقديراً، فلا يكفي فيه مجرد تصوير الكلمات في النفس من دون تحريك اللسان والشفتين أو مع تحريكهما من غير خروج الصوت عن مخارجه المعتادة، نعم لا يعتبر فيه أن يسمع المتكلم نفسه ــ ولو تقديراً ــ ما يتلفظ به من الكلمات متميزة بعضها عن بعض، وإن كان يستحب للمصلي أن يسمع نفسه تحقيقاً ولو برفع موانعه، فلا يصلي في مهب الريح الشديد أو في الضوضاء، وأما اتصاف التكلم بالجهر والإخفات فالمناط فيه أيضا الصدق العرفي لا سماع من بجانبه وعدمه ولا ظهور جوهر الصوت وعدمه.
وكذلك فتوى الشيخ اليعقوبي (مسألة 788) : (مناط الجهر والإخفات هو الصدق العرفي والظاهر انطباقه على ظهور جوهر الصوت وعدمه لإسماع من بجانبه وعدمه دون غير ذلك من الضوابط التي قالوها، والأحوط استحباباً في الإخفات أن يسمع نفسه تحقيقاً أو تقديراً كما إذا كان أصمّاً أو كان هناك مانع عن سماعه.
القراءة بصوت مبحوح هل يصدق عليها انها اخفاتية
قال السيد الخوئي رحمه الله تعالى في منهاجه (مسألة 628) ان القراءة بصوت مبحوح لا يصدق عليها الإخفات، والأحوط وجوبا في الإخفات أن يسمع نفسه تحقيقا أو تقديرا، كما إذا كان أصم أو كان هناك مانع من سماعه.
وتبعه السيد السيستاني قائلاً:(مسألة 795 فلا يصدق الإخفات على ما يشبه كلام المبحوح وإن كان لا يظهر جوهر الصوت فيه، ولا يجوز الإفراط في الجهر ــ كالصياح ــ في القراءة حال الصلاة).
وهو مختار الشيخ الفياض أيضاً (مسألة 620): لا يصدق الاخفات على ما يشبه كلام المبحوح، وإن كان لا يظهر جوهر الصوت فيه، ولا يجوز الافراط في الجهر كالصياح.
واما الشهيد الصدر الثاني والشيخ اليعقوبي فقد احالا الحكم في تحديد قراءة المبحوح الى العرف فاذا صدق عليها انها قراءة اخفاتية كفى ذلك والا فيحكم بكونها جهرية.
قال السيد الصدر (مسألة 795 واما الصوت المشابه لكلام المبحوح فقد يكون جهرا وقد يكون اخفاتا فيتبع كلا منهما حكمه).وتبعه في ذلك الشيخ اليعقوبي.
علاقة الجهر والاخفات في قوله تعالى ﴿وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا﴾الإسراء110.
فإن الآية أعلاه لا علاقة لها بالصلوات الجهرية والإخفاتية في اصطلاح الفقهاء، بل إن المقصود منها يتعلق بالإفراط والتفريط في الجهر والإخفات، فهي تقول: لا تقرأ بصوت مرتفع بحيث يشبه الصراخ، ولا أقل من الحد الطبيعي بحيث تكون حركة شفاه وحسب ولا صوت فيها.
وفي تفسير علي بن إبراهيم عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال في تفسير الآية: ” الجهر بها رفع الصوت، والتخافت بها ما لم تسع نفسك، واقرأ بين ذلك “. تفسير الأمثل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي – ج ٩ – ص١٨0.