ما حقيقة تهمة الشرك التي يكيلها الوهابيون للشيعة ولسائر المسلمين؟
ما حقيقة تهمة الشرك التي يكيلها الوهابيون للشيعة ولسائر المسلمين؟
السيد حسين البدري
نحاول في هذه السطور اختصار البحث حول هذه التهمة، لان النتائج الفكرية والثقافية والعملية التي تترتب عليها ثقيلة ووخيمة والتي منها تقسيم البلاد الإسلامية الى بلاد شرك وبلاد مسلمين وأيضا استباحة دم ومال واعراض لطائفة كبيرة من المسلمين.
قال بن باز وهو احد اعلام الوهابيين: الزيارة للمسجد النبوي سنة … أما أن يناديه من قريب أومن بعيد يقول: يا رسول الله أغثني، أو اشف مريضي، أو جئتك من بلاد بعيدة لتشفيني، أو لتعطيني كذا وكذا، هذا هو الشرك الأكبر، … فالواجب إخلاص العبادة لله وحده؛ كما قال الله: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا.
ويقول بن جبرين وهو أحد اعلام الوهابيين في جواب سؤال: “فالرافضة بلا شك كفار … لشركهم الصريح بالغلو في علي وذريته، ودعاؤهم مع الله”.
اذن التهمة هي: ان الشيعة وسائر المسلمين يدعون وينادون مع الله النبي (ص) والائمة (ع) وهو شرك اكبر.
نتساءل: ما الدليل على ان هذا العمل شرك؟
يقول الوهابي: قوله تعالى ﴿وَأَنَّ المَساجِدَ لِلهِ فَلا تَدعوا مَعَ اللهِ أَحَداً﴾ الجن/18. وهذا هو عين عمل المشركين زمن الرسول (ص) حيث كانوا يدعون مع الله اصنامهم وهو عين الشرك. ﴿ذلِكُم بِأَنَّهُ إِذا دُعيَ اللهُ وَحدَهُ كَفَرتُم وَإِن يُشرَك بِهِ تُؤمِنوا فالحُكمُ لِلهِ العَليِّ الكَبيرِ﴾ غافر/12، ﴿وَقالَ رَبُّكُمُ ادعوني أَستَجِب لَكُم إِنَّ الَّذينَ يَستَكبِرونَ عَن عِبادَتي سَيَدخُلونَ جَهَنَّمَ داخِرينَ﴾ غافر/60.
نتساءل: ما المقصود بالدعاء في الآيات المتقدمة فان الدعاء له معان متعددة: العبادة، النداء، التسمية، الطلب والاستغاثة، ففي أي هذه المعاني يقع الشرك، فان كان بمعنى العبادة اي الطقوس الخاصة مثل الصلاة والصوم والحج والنذر … فان الشيعة وسائر المسلمين لا يوقعون العبادة الا لله ولا يقصدون بها غير الله تعالى ولا يوجد أي قول بخلاف ذلك عندهم.
يقول الوهابي: ان الشرك عندهم لا يقع في الدعاء بمعنى العبادة.
نتساءل: اذن اين يقع عندهم وباي معنى؟
يقول الوهابي: يقع في الدعاء بمعنى طلب المسألة والاستغاثة، مثلا يقول: “يا رسول الله عندي حاجة اقضيها لي”، “يا امير المؤمنين اغثني”، فهو شرك.
نتساءل: اذن هذا معناه ان الدعاء بمعنى طلب المسألة والاستغاثة شرك بنظركم.
يقول الوهابي: نعم.
نتساءل: وهل أي طلب مسألة هو شرك؟ مثلا أقول لصديقي زيد “يا زيد اغثني فاني مديون”، “يا مقداد اقضي لي حاجتي فاني متورط”… هل هذا شرك؟!
يقول الوهابي: لا هذا ليس شركا؟
نتساءل: اذن متى يكون شركا؟
يقول الوهابي: يكون الدعاء بمعنى طلب المسألة شركا إذا كان في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله تعالى، مثلا طلب العافية والرزق والشفاء التوفيق و…
نتساءل: من اين لكم هذا التقييد وهذا الشرط وهو ان الدعاء بمعنى طلب المسألة إذا كان فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى يكون شركا؟ هل توجد في ذلك آية؟
…..الوهابي….. لا يملك إجابة! لعدم وجود أي آية في القرآن تدل على ذلك. وانما هذا الشرط من عندياته.
نتساءل: وما المانع في ان يكرم الله بعض عباده بان يجعلهم قادرين على فعل هذه الأمور التي لا يقدر عليها الا هو تعالى فيفعلونها بإذنه وقدرته، مثل عيسى يخلق من الطين كهيئة الطير ويحي الموتى ويبرء الاكمه والابرص كذلك سائر الأنبياء والاوصياء وما المانع من طلبها من عندهم.
الوهابي: …………..! (لا يتكلم).
النتيجة: ان تهمة الشرك باطلة ولا أساس لها.. وذلك: لان دعاء الشيعة وسائر المسلمين للنبي (ص) ولأهل البيت (ع) هو بمعنى الطلب والمسألة وليس بمعنى العبادة. وعليه لا تبحث هذه المسألة في مسائل الشرك والتوحيد. بل تبحث في مسائل السنة والبدعة. وقد ثبت في الكتاب والسنة ان التوسل من السنة وليس من البدعة.
وأخيرا: يتضح ان الآيات التي استدل بها الوهابيون على اثبات هذه التهمة (الشرك) لا تنطبق على الشيعة ولا على سائر المسلمين في التوسل والاستغاثة بتلك الذوات الطاهرة، لان الدعاء الوارد في تلك الآيات بمعنى العبادة لا بمعنى المسألة، فان المشركين زمن النبي (ص) كانوا يدعون مع الله آلهة أخرى أي (يعبدون) مع الله آلهة اخرى لاعتقادهم انها بنات الله او أبنائه “تنزه عن ذلك” وهي شريكة معه في امر تدبير الكون والعباد ولها استقلالية في هذا التدبير. والحال ان الشيعة وبقية المذاهب الاسلامية يعتقدون ان النبي (ص) والائمة الطاهرين هم عباد لله مكرمون مثلهم مثل إبراهيم وموسى وداود وسليمان وعيسى عليهم السلام.