بيت المقدس في فتاوى علماء الإمامية / الشيخ عبد الغني العرفات
تتميما للفائدة، وليعرف المسلمون جميعا موقعية بيت المقدس في نفوس أتباع أهل البيت (عليهم السلام) نشير على وجه العجالة إلى بعض الأحكام الفقهية الخاصة ببيت المقدس عند الإمامية.
1) الصلاة فيه تعدل ألف صلاة
وهذا الحكم من المسلمات عند فقهاء الشيعة، وهذا نص المسألة (٥٦١) من كتاب “منهاج الصالحين” للسيد الخوئي: “تستحب الصلاة في المساجد، وأفضلها المسجد الحرام، والصلاة فيه تعدل ألف ألف صلاة ، ثم مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) والصلاة فيه تعدل عشرة آلاف صلاة، ثم مسجد الكوفة والأقصى والصلاة فيهما تعدل ألف صلاة” .
وقد وافق السيد الخوئي الإمام الخميني “قدس الله سرهما”، ومن المعاصرين السادة السيستاني والحكيم والهاشمي الشاهرودي وكذا السيد تقي القمي في (مباني منهاج الصالحين)(1). وأما الشيخ الوحيد الخراساني في تعليقته على المنهاج فقد ذهب إلى أفضلية مسجد الكوفة على الأقصى حيث عبر (بل ثم الأقصى).
وجاء في توضيح المسائل – باللغة الفارسية – لكل من السادة الخميني والخوئي والكلبيگاني والروحانيين والسيستاني والشيخ المنتظري والنوري واللنكرانى والصافي وبهجت والخراساني والتبريزي: «أفضل المساجد: المسجد الحرام، ثم مسجد النبي، ثم مسجد الكوفة، ثم مسجد بيت المقدس»، إلا الشيخ بهجت، إذ قال بعد مسجد الكوفة: “يأتي مسجد السهلة والخيف والغدير ثم مسجد بيت المقدس ثم مسجد براثا .. إلخ » (٢).
وفي كتاب العروة الوثقى للسيد كاظم اليزدي مع تعليقة الإمام الخميني والسيد الخوئي والسيد الگلبيگاني والشيخ الأراكي مسألة (٤): يستحب الصلاة في المساجد، وأفضلها المسجد الحرام فالصلاة فيه تعدل ألف ألف صلاة، ثم مسجد النبي والصلاة فيه تعدل عشرة آلاف، ومسجد الكوفة وفيه تعدل ألف صلاة، والمسجد الأقصى وفيه تعدل ألف صلاة أيضًا (۳).
وفي زبدة الأحكام للإمام الخميني مع تعليقات الشيخ الأراكي والسيد الخامنئي، مسألة (۲۲۷): “تستحب الصلاة في المساجد… وأفضلها المسجد الحرام، ثم مسجد النبي (صلى الله عليه وآله)، ثم مسجد الكوفة والأقصى»(4).
وهنا نذكر القارئ بما وعدناه عندما أشرنا إلى الرواية التي اعتمدها فقهاء الإمامية في الافتاء بهذه الفتوى. فالوارد في نص الفتوى هو (المسجد الأقصى)، بينما الوارد في الرواية أن الصلاة في بيت المقدس بألف صلاة ، وهذا واضح أنهم لا يرون أن المسجد الأقصى في السماء، وأنهم يرون أن بيت المقدس والأقصى مكان واحد، والفارق هو سعة وضيق المكان فقط. وعلى هذا فقهاء الإمامية قديمًا وحديثًا، فقد ذكر الشيخ الطوسي في التذكرة وتابعه العلامة في نكت التذكرة في باب فضل المساجد والصلاة فيها (5) هذه الرواية بعينها مستدلين بها على فضل بيت المقدس بينما يذكرها الفقهاء المعاصرون للاستدلال على فضل المسجد الأقصى (6).
وهذه الرواية مروية بعدة طرق، وموجودة في أكثر من كتب الروايات عن أهل البيت.
فقد ذكرها الشيخ الطوسي في التهذيب بإسناده عن أحمد بن محمد (بن يحيى) عن محمد بن حسان (الرازي) عن النوفلي عن السكوني. ورواها الصدوق مرسلة، ورواها أيضًا في ثواب الأعمال عن أبيه عن أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد عن محمد بن حسان، ورواها البرقي في المحاسن عن النوفلي عن السكوني عن الصادق (عليه السلام)
٢) يكره استقباله حال التخلي و قضاء الحاجة
وهذا الحكم ذكره العلامة الحلي في كتابه منتهى المطالب ۱/ ۳۲۰: «السادس: يكره استقبال بيت المقدس لأنه قد كان قبلة ولا يحرم للنسخ، وهو قول الشافعي أيضًا.
(۳) استحباب زيارته
فقد ذكر الشهيد الأول في كتاب الدروس الشرعية ـ باب المزار: «ويستحب زيارة منتجبي الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، وخصوصًا جعفر بن أبي طالب بمؤتة، والعباس وأولاده، وسلمان بالمدائن وعمار بصفين، وحذيفة، وزيارة الأنبياء (عليهم السلام) حيث كانوا، وخصوصا إبراهيم وإسحاق ويعقوب بمشهدهم المعروف، وباقي الأنبياء بالأرض المقدسة، وزيارة المسجد الأقصى وإتيان مقامات الأنبياء، وزيارة قبور الشهداء و الصلحاء من المؤمنين”.
٤) استحباب دفن الموتى فيه و نقل الموتى إليه :
قال صاحب الجواهر في جواهر الكلام ٤ / ٣٤٨: ” وكيف كان، فمما ذكرنا ينقدح وجه ما ذكره الشهيد، وتبعه عليه بعض من تأخر عنه من إلحاق نحو المقبرة التي فيها قوم صالحون بمشاهد الأئمة (عليهم السلام) في رجحان النقل إليها لتناله بركتهم، وكذا الشيخ في المبسوط، قال: ويستحب أن يدفن الميت في أشرف البقاع، فإن كان بمكة فبمقبرتها، وكذلك المدينة والمسجد الأقصى، ومشاهد الأئمة (عليهم السلام)، وكذا كل مقبرة تذكر بير من شهداء و غيرهم”.
فظهر من ذلك كله أنه لا جهة للإشكال في أصل رجحان ذلك رجاءً للنفع ودفعا للضرر».
٥) تغليظ اليمين فيه
يغلظ اليمين في كل بلد بأشرف بقعة فيه، وإن كان في بيت المقدس فعند الصخرة (7).
الهوامش
(۱) مباني منهاج الصالحين، المسألة (٦٤) ج ٤ ص ٣١٤.
(۲) مكتبة أهل البيت الإلكترونية، الإصدار الأول.
(۳) فصل في الأمكنة المكروهة ١/ ٤٥٢ .
(4) زبدة الأحكام، إعداد وتنظيم السيد علي عاشور، ط مؤسسة التاريخ العربي ص ۹۱ .
(5) النهاية ونكتها ط جماعة المدرسين ج ١ ص ٣٤٠
(6) انظر: مهذب الأحكام للسيد عبد الأعلى السبزواري ج ۵ ص ٥٠١ .
(7) المبسوط للطوسي ج ۸ ص ۲۰۳ ، المهذب للقاضي ابن البراج ج ۲ ص ٥٦٤ .
المصدر: كتاب بيت المقدس في روايات أهل البيت “ع” لمؤلفه الشيخ عبد الغني العرفات