الكلمة في القران الكريم (دراسة دلالية)

3٬253

الكلمة في القران الكريم (دراسة دلالية)

 

   محمود محمد حسين

المقدمة

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

         والصلاة والسلام على خير خلقه محمد واله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين والحمد لله رب العالمين.

 

         لا جدال في أنّ القران الكريم هو كلمة الله التي أوحاها إلى خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه واله وسلم. وهو الكتاب الذي ضم بين دفّتيه ما شرّعه من أحكام تنظم شؤون الفرد والجماعة, إلى غير ذلك من العلوم والحكم والأمثال, والترغيب والترهيب, والوعد والوعيد وأخبار الماضين. ولا أروع ولا أبدع منه وصفا لما جاء فيه من قوله تعالى: (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين)(1). وفي قبال ذلك نجد هذا الكون الفسيح بأطرافه المترامية إلى حيث لا يعلم مداه إلا الله, والذي عبرت عنه الآيات القرآنية في أكثر من موضع حكاية عن إرادته وإنفاذ أمره. فهو كلمته وكتابه التكويني الذي دعا من خلاله الناس في كل زمان ومكان إلى التأمل في صفحاته والتدبر في آياته, برهانا ودليلا منه تعالى على بديع صنعه, وعظمة قدرته المطلقة بقوله تعالى: (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون)(2). فالكلمة لفظ يقع على معان كثيرة.

        وهذه المعاني تنصرف إلى وجوه ودلالات بلاغية بحسب موقعها في سياق النص القرآني, فضلا عن تعدد صياغاتها الصرفية ووجوهها الأعرابية. وهو ما سنبحثه في هذه الصفحات التي نعرض من خلالها ما أمكن من الخصائص التي تتميز بها مفردة الكلمة, لما لها من أهمية في الكشف عن كثير من المضامين القرآنية من جهة, ولما لها من وقع نفسي مؤثر في المتلقي والمتكلم على حد سواء من جهة أخرى. ولا يخفي على أحد أن هذه المفردة تكاد أن تكون (الشفرة) التي تختزن كل فنون القول وضروبه من شعر ونثر. فإذا كان خالق الكون ومرسل الأنبياء وباعث الرسل ومنزل الشرائع إلى البشرية قد أطلق على كتبه السماوية من توراة وإنجيل وقران اسم الكلمة: (وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلمته وهو السميع العليم)(3). فكيف بما سواها؟. ومن هنا فقد ارتأيت أن أتناول موضوعة (الكلمة في القران الكريم) كجزء من الوفاء لهذا الكتاب العظيم الذي أمرنا بتعاهده وعدم هجره, والاعتناء بصيانته والتزوّد من معينه (ولقد يسرنا القران للذكر فهل من مدّكر)(4). وما أبلغ وأروع ما قاله ربيب القران وصنو حبيب وحي الله (ص) واله وسلم علي (ع): (فإنه الحبل المتين, والنور المبين, والشفاء النافع, والري الناقع, والعصمة للمتمسّك, والنجاة للمتعلق, لا يعوجّ فيقام, ولا يزيغ فيستعتب, ولا تخلقه كثرة الرد, وولوج السّمع, من قال به صدق, ومن عمل به سبق)(5)

        ونجد في كل فقرة من كلام أمير المؤمنين (ع) تجلّيا لخصائص القران من خلال آياته التي انتظمت في سياق إعجازي تكاملت فيه كل ضروب وفنون الإبداع الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. والأمام (ع) يختزل في فقرات كلامه نصوصا قرآنية يمكن استقراؤها من خلال ما تتضمنه كلماته من إيحاءات ترجم بها روح النصوص القرآنية.

 

 

  

1-  يونس/57

2-  يس/82

3-  الأنعام/115

4-  القمر/17

5-  نهج البلاغة/219

 

 

 

 

 

  

     ولا عجب أن يصدر ذلك ممن قيل في كلامه (أنه دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق). وسيتضح من خلال البحث أن مفردة الكلمة مع تعدد صيغها الفعلية والاسمية في القران الكريم لها بعدان: (تكويني واعتباري). ومرادنا بالاعتباري هو ما تواضع عليه أهل كل فن وعلم في ما بينهم من أساليب البيان والتعبير بحسب ما تقتضيه طبيعة الموضوعات من إطلاقات تحدد المراد بنحو يفهم منه المقصود, وهذا ما نجده في مختلف العلوم والفنون التي يتكلم بها أصحاب كل فن وعلم بما يختص بطبيعة ذلك الموضوع وهو ما نسميه بالاصطلاح, لا خصوص ما كان موردا للأحكام التشريعية فقط. وسنعرض للأبعاد الدلالية للكلمة ووجوهها البلاغية استنادا إلى هذين البعدين باعتبارهما الإطار الجامع لكل الدلالات التي تترشح عن هذه الكلمة بقدر ما تبين لنا من الوجوه التي استقصيناها وبذلنا الوسع في الكشف عنها والإشارة إليها.   

وقبل الخوض في البحث والولوج في تفصيلاته لا بد من الإشارة بادئ ذي بدء إلى بيان الغرض من البحث, وذلك بالتنويه بأهم ما ينطوي عليه من خطوط رئيسة كي يكون القارئ على دراية إجمالية بمضامينه التي سنتوفر على عرضها. فالفصل الأول سيكون مدخلا نعرض من خلاله تعريف الكلمة من حيث اللغة والاصطلاح, وأسماء السور التي اشتملت على مفردة الكلمة ومشتقاتها, وعرض الآراء التي قيلت في دلالة مفردة الكلمة لدى النحاة وأهل اللغة, وبيان الصيغ الصرفية بقسميها الاسمية والفعلية فضلا عن الوجوه الإعرابية, وكذلك بيان العلاقة بين الكلام والقول من حيث الالتقاء والافتراق. وسنعرض كذلك الآيات القرآنية ذات الصلة طبقا للصيغ الاسمية والفعلية.

 ونبين هنا أننا نؤكد على أمر مهم هو أن القران الكريم قد تبنى ما ذهب إليه أهل اللغة من تعريفهم للكلام والقول بأنهما في عرض واحد من حيث المؤدى. فهو لم يعتن بالتقسيم الذي ذهب إليه النحاة ولم يتبنّاه. يقول العلامة الطباطبائي في تفسيره الميزان: (وجميع ما نسب إليه تعالى من الكلمة في القران أريد بها القول, كقوله تعالى «لا تبديل لكلمات الله.يونس 64». « ويحق الحق بكلماته.الأنفال7» ). وغيرها من الشواهد التي يوردها إلى أن يقول: (فهذه ونظائرها أريد بها القول بعناية أن القول توجيه ما يريد المتكلم أعلامه المخاطب ما عنده كما في الأخبار أو لغرض تحميله عليه كما في الإنشاء, ولذلك ربما تتصف في كلامه تعالى بالتمام كقوله تعالى: « وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته. الأنعام 115» وقوله تعالى: «وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا. الأعراف136» ويعلل ذلك بالقول: (كأن الكلمة إذا صدرت عن قائلها فهي ناقصة بعد لم تتم, حتى تلبس لباس العمل وتعود صدقا. وهذا لا ينافي كون قوله تعالى فعله, فان الحقائق الواقعية لها أحكام وللعنايات اللفظية لها حكم آخر. فما يريد الله سبحانه إظهاره لواحد من أنبيائه, أو غيرهم بعد خفائه, أو يريد تحميله على أحد قول وكلام له لاشتماله على غرض القول والكلام وتضمنه عناية الخبر والنبأ, والأمر والنهي, وإطلاق القول على مثل ذلك شائع في الاستعمال إذا اشتمل على ما يؤديه القول والكلمة. تقول : لأفعلنّ كذا وكذا, لقول قلته وكلمة قدمتها, ولم تقل قولا ولا قدمت كلمة, وإنما عزمت عزيمة لا تنقضها شفاعة شفيع أو وهن إرادة)(1)

 فيما سيعقد الفصل الثاني للحديث عن البعد التكويني والاعتباري لمفردة الكلمة ومشتقاتها, وأبعادها الدلالية كالتوحيد والإمامة والقران والثواب والعقاب, وغير ذلك من الوجوه التي سنمر على ذكرها استكمالا لجميع جوانب البحث بما يتسع له المقام.

 

1-  الميزان. الطباطبائي. ج1.ص155

 

 

 

 وتقديم صورة جلية للقارئ عن القيمة العلمية لهذه المفردة ومدى سعة تداولها من حيث أنها الصورة البرزخية لكل ما تسطره أقلام الكتاب والباحثين بدء من وجودها في عالم الإمكان إلى تحققها في عالم الفعل لتكون شاهدا ناطقا بالخواطر وبما يجول في ذهن الإنسان من أفكار ومشاعر إما تسمو به إلى عالم القيم والفضائل أو تتسافل به إلى درك الرذيلة والخسران.

وفي ضوء ما تقدم فأن البحث سينتظم في فصلين وعلى النحو التالي:

1-  الفصل الأول:

               أولا: عرض لأسماء السور.

               ثانيا: الكلمة لغة واصطلاحا.

              ثالثا: الصيغ الصرفية: (الاسمية والفعلية).

              رابعا: الوجوه الإعرابية.

              خامسا: الفرق بين الكلمة والقول.

              سادسا: (عرض الآيات موضوعة البحث).

2-  الفصل الثاني: الدلالات التفسيرية للبعد التكويني والتشريعي لمفردة (الكلمة).

 

3-  خاتمة البحث.

4-  المصادر.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفصل الأول

 

 أولا: عرض إحصائي لأسماء السور:.

فيما يلي ثبت بأسماء السور التي ورد فيها لفظ الكلمة بصيغه المختلفة من حيث الاسمية والفعلية :

1-                       البقرة  2- آل عمران  3- النساء 4- المائدة  5- الأنعام 6- الأعراف 7- الأنفال   8- التوبة  9- يونس  10- هود 11- يوسف 12- الرعد 13 – إبراهيم  14- الكهف  15- مريم  16- طه 17- المؤمنون  18- النور  19- النمل  20- الروم 21- لقمان  22- فاطر

 23- يس 24- الصافات 25- الزمر 26- غافر 27- فصلت 28- الشورى  29- الزخرف  30- التحريم  31- الفتح  32- النبأ.

 

ثانيا: الكلمة لغة واصطلاحا:

 

1-  الكلمة عند النحاة:

يرى النحاة أنّ الكلمة هي (اللفظ الموضوع لمعنى مفرد)(1). وتقييد اللفظ حسب التعريف بالمعنى المفرد هو ما كانت له دلالة معقولة في ذهن السامع والمتكلم. والمراد من اللفظ هنا عموم ما يصدر من المتكلم على مستوى المفرد اسما كان أو فعلا أو حرفا. وهو ما يعبر عنه بالقول حكاية عن كلامه. أما المفرد الذي لا يدل على معنى فهو (المهمل) وان كان مفردا في هيئته. والنحاة بهذا الاصطلاح يجعلون لفظ الكلمة قاصرا على خصوص المفرد الذي يفيد معنى تاما سواء دل على اسم ذات كزيد أم دل على معنى من المعاني. وفي قبال ذلك لم يعتبروا المهمل من مصاديق الكلمة وان كان مفردا في هيئته , فلا يشمله التعريف المذكور. بخلاف أهل اللغة وهو ما سنبينه لاحقا.

كما أنّ اللفظ عند النحاة يتسع ليشمل الكلام والكلمة والكلم, ولكل من الثلاثة مفهومه الخاص ومصاديقه الخاصة نشير إليها إتماما للفائدة..

أما الكلام فهو:(اللفظ المفيد فائدة يحسن السكوت عليها)(2). ويلاحظ هنا أن التعريف المذكور يجعل كلا من الكلام والكلم والكلمة قسيما للآخر بلحاظ دلالة كل واحد منها على إفادة المعنى من جهة وكونه مما يحسن السكوت عليه.

1-  شرح ابن عقيل. ج1. ص15

2-  م. ن. ج1. ص14

 

 

 فهناك تراتبية ذات طبيعة توالدية في العلاقة بين المصاديق الثلاثة للفظ أذا جاز التعبير. وبعبارة أخرى فأن الكلمة هي أصغر وحدة في الكيان اللفظي ومن ثم الكلم وانتهاء بالكلام. أي أن كلا منها يصدق عليه تعريف (لفظ ذو معنى) إذا أخذ مستقلا عن قسيمه. والكلم هو اسم جنس يدل على الجمع واحده كلمة. وهو بهذا ينقسم إلى ثلاثة أقسام: الاسم والفعل والحرف. وكما هو معروف فان اللفظ الدال على معنى في نفسه هو الاسم. وأما المقترن بزمان أي الدال على حدث فهو الفعل. وأما الدال على معنى في غيره فهو الحرف. ويبقى أن نشير إلى أنّ الكلام لدى النحاة يشترط فيه كي يكون مستوفيا للتعريف أن يتركب على أقل تقدير من اسمين أو من اسم وفعل سواء كانا مقترنين أم اندمجا في تركيب واحد. مثل: ادرس: أي ادرس أنت. وقد يكون اللفظ المركب حاصلا من ثلاث كما في

رأيتك, فهنا نجد الفعل والفاعل والمفعول به. لكن التأمل في تعريف الكلم لدى النحاة يفضي بالضرورة إلى القول بأنه تقسيم منطقي للكلام المحكي عنه بالقول. فهو الكلام عينه في مقام النطق إذا اجتمعت أفراده أو بعضها في سياق ما. فعندما أقول مثلا: كتبت بالقلم, أكون بذلك قد أشرت إلى مصاديق الكلم الثلاثة في سياق واحد. وهذا ما نعبر عنه بالقول حكاية عن الكلام المؤلف من الفعل والاسم والحرف. أي أنّه وجه آخر لتعريف الكلام. أما الكلم والكلمة فبينهما عموم وخصوص من وجه. لأن الكلم هو اسم جنس يقع على العناصر الثلاثة للكلم باعتباره العنوان الجامع لمصاديقه, وكون كل واحد منها يصدق عليه انّه كلمة. لكن الإشكال في أن تعريف الكلمة بأنه لفظ موضوع لمعنى مفرد لا يتم مع الحرف لأنه موضوع  لمعنى في غيره لا في نفسه. ويشير ابن عقيل في شرحه إلى تأكيد ما قلناه بقوله: (وقد يجتمع الكلام والكلم في الصدق , وقد ينفرد أحدهما. فمثال اجتماعهما: ‹قد قام زيد› فانه كلام لإفادته معنى يحسن السكوت عليه,  وكلم لأنه مركب من ثلاث كلمات)(1).

 وأما ما شرطه من وجوب صدق الكلام على ما تألّف من اسمين أو من أسم وفعل فإنّه لا يتناسب والمثال الذي ذكره. ذلك أنّ إفادة الكلام لمعنى يحسن السكوت عليه لا يلزمه أن يتألف من أثنين أو أكثر, كما في أسم فعل الأمر مثل: (صه) بمعنى اسكت, و (مه) بمعنى اكفف, و (آمين) بمنى استجب وغير ذلك. من هنا فان التقسيم الذي ذهب إليه فني أكثر منه منطقيا. ثم أنّ تعريفه للكلم أن يتركب من ثلاث فأكثر هو أكثر انطباقا على الكلام منه على الكلم. لا بل قد تعرّف الكلمة ويراد بها الكلم من حيث نفس دلالتها على الاسم والفعل والحرف كما هو عند اللغويين في إطلاقاتهم على ما يصدر من المتكلم من شعر ونثر.  وجدير بالذكر إنّ هذا التقسيم الثلاثي للكلمة لم يكن محل اتفاق وإجماع لدى النحاة, بل إنّ من القدامى من ذهب إلى خلاف ذلك, حيث زاد قسما رابعا أطلق عليه بالخالفة. واختلف في نسبة الإطلاق الى قائله: (ولم يخرج أحد منهم على هذا التقسيم غير مما يروى عن أبي جعفر أحمد بن صابر من أنّه زاد قسما رابعا سمّاه الخالفه وهو أسم الفعل, وذكر الدكتور تمام حسان برواية عن الأشموني أن الذي أطلق مصطلح الخالفة هو الفراء)(2).  كما أن من المحدثين من ذهب إلى أبعد من ذلك في تقسيم الكلمة. فمنهم من أنهاه إلى خمسة وزاد الآخر فأنهاه الى سبعة تبعا لرؤيته التحليلية لعناصر اللغة وعلاقاتها من جهة ودلالاتها من جهة أخرى. ونحن بهذه الإشارة المقتضبة أردنا أن نبين أنّ التقسيم الثلاثي للكلمة لم يعد تقسيما حاصرا بنحو مطلق لدى النحاة. وأمّا تبنينا للتقسيم الثلاثي فلأنّه هو المنهج المألوف والمتبّع في مقررات التدريس.

 

 

 

1-  شرح ابن عقيل. ج1. ص16

2-  مصطفى جمال الدين جهوده وظواهر لغوية في شعره. ص50

 

 

 

 

 كونه أيسر في فهم مادة النحو. كما أننا لم نضع في حسابنا أن نعقد بحثا مقارنا بين المدارس والاتجاهات النحوية, والخوض في دراسة الآراء من حيث الترجيح أو النقض وغير ذلك لأنه خارج عن موضوع البحث.. 

 

2-  الكلمة عند اللغويين:

جاء في تعريف الكلم 🙁 الكلم التأثير بإحدى الحاستين, فالكلام مدرك بحاسة السمع, والكلم بحاسة البصر, وكلمته جرحته جراحة بان تأثيرها)(1). فالكلم أثر دال على الجرح, والكلام أثر دال على المعنى الذي تحته والذي حرره المتكلمون في حد الكلام. و الكلام عند اللغويين أعم من أن ينحصر باللفظ الموضوع لفائدة يحسن السكوت عليها كما هو عند النحاة. فهو اسم لكل ما يتكلم به مفيدا كان أو غير مفيد. وأما عند المتكلمين فهو عند أكثرهم لا يقع إلا على الجملة المركبة المفيدة بغض النظر عن تكونه من اسمين أو من فعل واسم كما هو مفاد القيد الذي اشترطه النحاة في اعتبار الكلام أن يكون منحصرا بأحد هذين الأمرين. والمراد من الجملة المركبة عندهم هو ما يقصده النحاة في تعريفهم للكلام من حيث إفادته لمعنى يحسن السكوت عليه. وهو في تعريفهم مرادف للقول. والكلمة عندهم تقابل تعريف الكلم لدى النحاة. فهما من حيث النتيجة  متفقان. وسنذكر طرفا من أقوالهم في معنى الكلام ونسبة صدوره من الله تعالى.

وتطلق الكلمة في عرف اللغويين على أكثر من معنى. كالخطبة والقصيدة وقد تطلق على الكلام كما في (لا اله إلا الله) وتسمى كلمة التوحيد, وغير ذلك. وقد يراد من الكلام هو القول بنحو الترادف, فيكون المحصل من ذلك هو أنّ معنى (أقول/قال) هو (أتكلم/ تكلم) كما في الآية من سورة البقرة: (وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشبهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون)(2). حيث عبرت الآية عن اشتراطهم الكلام على الله بالقول. ونجد أنّ مفسرا مثل القرطبي مثلا يضع معيارا كميا إذا جاز القول في تعريفه للكلمة بقطع النظر عن إفادتها معنى ما من عدمه: (وأما الكلمة فهي الصورة القائمة بجميع ما يختلط بها من الشبهات أي الحروف وأطول الكلم في كتاب الله عز وجل ما بلغ عشرة أحرف نحو قوله ليستخلفنهم وأنلزمكموها وشبههما)(3). ويفصل ذلك ببيان بعض الشواهد (ومن حروف المعاني ما هو على كلمة واحدة مثل همزة

الاستفهام وواو العطف إلا أنه لا ينطق به مفردا). وهو بالتعريف المتقدم نجده ينحو منحى فلسفيا, فالحروف هي مادة الكلمة او ما يصطلح عليها بالهيولى. وهي ما تتقوم بها الصورة والتي يقصد بها كون الشيء موجودا بنحو خاص من الوجود.

 والظاهر مما تقدم؛ فانّ التباين في وجهات النظر لدى اللغويين والنحاة والمتكلمين أيضا لا يقدح في كون الكل متفق على أن القول هو الكلام المحكي, وكذلك الكلم والكلمة, باعتبار أنّ كلا منها لفظ صادر عن قائله

. لكنه في زمن النطق والتلبس به يسمى كلاما, بقطع النظر عن التقسيمات التي ذهب إليها كل طرف  في تعريفه لكل من الكلام  والكلم والكلمة.

وما قدمناه من عرض موجز للفرق بين النحاة واللغويين من حيث المراد لدى كل منهم من الكلام والكلم والكلمة هو توطئة لا بد منها. لكي تكون لدى القارئ فكرة بسيطة يتفهّم من خلالها مضامين البحث التي سنبسط القول فيها لاحقا.

1-  مفردات الراغب. ص457

2-  البقرة/ 118

3-  تفسير القرطبي. ج1. ص102

 

 

 

 

3-  موقف المتكلمين من الكلمة:

 

وبمناسبة الحديث عن دلالة الكلمة ووجوه استعمالاتها في القرآن نجد من المفيد أن نعرض بنحو موجز أراء أهم الفرق الإسلامية في تحديد كلام الباري عز وجل ألا وهو القران الكريم ليطلع عليها القارئ, وليس غرضنا هنا مناقشتها لأنّ منهجية البحث والغرض منه لا يتسعان لذلك. كما أن التعرض لأمثال هذه المسائل موكول إلى البحوث الكلامية. وأهم هذه الفرق هي المعتزلة والأشاعرة والأمامية الأثني عشرية. لما كان لها من تأثير عميق في توجيه ذهنية المجتمع الإسلامي قديما وحديثا في مجال العقيدة والفقه وأصوله وكذلك امتداد هذا التأثير في الحياة الاجتماعية وحتى السياسية أيضا إلى يومنا هذا..

1-  المعتزلة:

اختلف المعتزلة في كلام الله عز وجل من حيث توصيفه وتحديد طبيعة هذا الكلام, وكذلك من حيث بقائه من عدمه باعتبار كونه جسما أو عرضا, فضلا عن كونه مخلوقا أم لا, وهل هي حروف أم ليست بحروف؟ وان كان المجمع عليه  لدى المعتزلة هو القول بخلق القران مع ما عليه التباين في ظاهر عباراتهم هنا وهناك, وهل هو جسم أو عرض ونحو ذلك. وهنا جملة من الأقوال نعرض لها كما أثبتها أبو الحسن الأشعري في مؤلفه مقالات الإسلاميين . جاء في مؤلفه قوله: (واختلفت المعتزلة في الكلام هل هو

حروف أم لا على مقالين: فزعمت فرقة منهم أنّ كلام الله سبحانه حروف, وزعم آخرون منهم أنّ كلام الله سبحانه ليس بحروف)(1) وأما عن البقاء فجاء قوله: (فمنهم من قال هو جسم باق والأجسام يجوز عليها البقاء)(2).

ويقسم أبو الحسن الأشعري أقوال المعتزلة بحسب أرائها في هذه المسالة إلى (6) فرق وهي:

1-  الفرقة الأولى: أن كلام الله جسم وأنه مخلوق وأنه لا شيء إلاّ جسم.

2-  الفرقة الثانية: أن كلام الخلق عرض وهو حركة لأنه لا عرض عندهم إلاّ الحركة وأنّ كلام الخالق جسم وأن ذلك الجسم صوت مقطع مؤلف مسموع وهو فعل الله وخلقه وإنما يفعل الإنسان القراءة والقراءة حركة وهما غير القران وهذا قول النظام وأصحابه.

3-  الفرقة الثالثة: أنّ القران مخلوق وهو عرض وأبوا أن يكون جسما, وزعموا أنّه يوجد في أماكن كثيرة في وقت واحد. كما هو الحال بالنسبة لمن يتلوه ولمن يكتبه وكذلك لمن يحفظه. ولا يجوز عليه الانتقال والزوال. وهو قول أبي الهذيل العلاف وأصحابه.

4-  الفرقة الرابعة: يزعمون أنّ كلام الله عرض وأنه مخلوق وأحالوا أن يوجد في مكانين في وقت واحد وزعموا أنّ المكان الذي خلقه الله فيه محال انتقاله وزواله منه ووجوده في غيره, وهذا قول جعفر بن حرب وأكثر البغداديين.

5-  الفرقة الخامسة: منهم أصحاب معمر يزعمون أن القران مفعول  وهو عرض ومحال أن يكون الله فعله في الحقيقة لأنهم يحيلون أن تكون الأعراض فعلا لله وزعموا أن القران فعل للمكان الذي يسمع منه إن سمع من شجرة فهو فعل لها وحيثما سمع فهو فعل للمحل الذي حل فيه.

6-  الفرقة السادسة: يزعمون أنّ كلام الله عرض مخلوق وأنه يوجد في أماكن كثيرة في وقت واحد. وهذا قول الاسكافي.

1-2- الأشعري. مقالات الإسلاميين. ص49

 

 

2-  الأشاعرة:

من المعلوم أن الأشاعرة تقول بقدم الكلام. حيث يذكر صاحب الملل والنحل عن أبي الحسن الأشعري   قوله: (والدليل على أنه متكلم بكلام قديم ومريد بإرادة قديمة: أنه قد قام الدليل على أنه تعالى ملك والملك من له الأمر والنهي فهو آمر ناه فلا يخلو: إما أن يكون آمرا بأمر قديم أو بأمر محدث وان كان محدثا فلا يخلو: إما أنه يحدثه في ذاته أو في محل أو لا في محل.)(1). ويعلل استحالة حدوثه في ذاته بقوله: (لأنه يؤدي أن يكون محلا للحوادث وذلك محال ويستحيل أن يحدثه في محل لأنه يوجب أن يكون المحل به موصوفا ويستحيل أن يحدثه لا في محل لأن ذلك غير معقول فتعين أنه قديم قائم به صفة له)(2). ويبين كذلك الفرق بين ما يجري من الكلام على لسان الملائكة إلى الأنبياء بقوله: (والألفاظ المذلّة على لسان الملائكة إلى الأنبياء عليهم السلام دلالات على الكلام الأزلي والدلالة مخلوقة محدثة والمدلول قديم أزلي)(3) ومحصل هذا القول أن الكلام عنده (معنى قائم بالنفس سوى العبارة والعبارة دلالة عليه من الإنسان فالمتكلم عنده من قام بالكلام)(4).

 

3-  الأمامية:

أما الذي عليه الأمامية الأثناعشرية فنجمله بما اجتزأناه من رواية عن أبي بصير وهو يحدث بما سمعه عن الإمام الصادق (ع) عن صفات الباري عز وجل. ومن ذلك سؤاله الأمام (فلم يزل الله متكلما؟ قال: إنّ الكلام صفة محدثة ليست بأزلية كان الله عز وجل ولا متكلم)(5). والإمام (ع) يريد بذلك القول أنّ كلام الله هو فعله, وليس من صفات الذات وإلاّ لزم القول بالقدم كالعلم والحياة والقدرة ونحو ذلك. لأن صفات الأفعال يمكن الوصف بضدها كالقابض والباسط والمحيي والمميت والمعطي والمانع مثلا. ويعلق صاحب كتاب التوحيد في خاتمة باب صفات الذات وصفات الأفعال بالقول: (ووجدنا القران مفصلا وموصلا وبعضه غير بعض وبعضه قبل بعض كالناسخ الذي يتأخر عن المنسوخ, فلو لم يكن ما هذه صفته حادثا بطلت الدلالة)(6). كما يبين فساد القول بخلق القران لأن المخلوق في اللغة قد يكون مكذوبا ودالا على الافتعال والكذب. وللتحرز من الوقوع في المحذور وتجنب اللبس والأشكال لا نجد في ما جاء على لسان الأئمة (ع) وصفا للقران بالمخلوق.

وهذا النزاع الكلامي في كون القران باعتباره كلام الله سبحانه وتعالى حادثا أم قديما وأنه هل يصح وصفه بالمخلوق أو لا كان موضع أخذ ورد مع أوائل القرن الثالث الهجري. وهنا أجتزئ ما ذكره العلامة الأستاذ جعفر السبحاني بقوله: (فإذا كان المقصود من القران هو كلماته التي تتلى وتقرأ, أو الكلمات التي تلقاها الأمين جبرائيل, وأنزلها على قلب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فانّ كل ذلك حادث قطعا ويقينا.

 وإذا كان المقصود هو مفاهيم الآيات القرآنية ومعانيها والتي يرتبط قسم منها بقصص الأنبياء, وغزوات الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم, فهي أيضا لا يمكن أن تكون قديما.

وإذا كان المقصود هو علم الله بالقران لفظا ومعنى فان من القطعي والمسلم به هو أنّ علم الله قديم, وهو من صفات الذات, ولكن العلم غير الكلام كما هو واضح(7).

4,3,2,1 الأشعري مقالات الإسلاميين. ص42

5-6- التوحيد.ص139. 225

7-  جعفر سبحاني. العقيدة الأسلامية. ص78

 

 

ثالثا: الصيغ الصرفية (الاسمية والفعلية:

أولا: الصيغة الاسمية:

 تنقسم الصيغة الاسمية إلى ثلاثة أقسام هي: المفرد/ جمع .

أما الجمع فينقسم إلى: (جمع قلة وجمع كثرة).

فالمفرد ذكر في القران (30) مرة في (19) سورة. (26) على وزن (فعلة) بواقع (2) في حالة الإضافة, ومرة (1) في حالة الجر, و (23) مجردا. و(3) مرات على وزن (فعال), ومرة (1) مفعولا مطلقا  دلالة على التوكيد, فيكون المجموع (30).

وأما جمع القلة فقد ذكر(4) مرات على وزن (فعل) في (3) سور. في حين ورد جمع الكثرة في القران على وزن (فعلات) بفتح الأول وكسر الثاني (13) مرة في (9) سور. وبذلك يكون مجموع ورودها على اختلاف صيغها الاسمية والفعلية (71) مرة في (32) سورة. وسنشير إلى ذلك في جدول بياني مع أسماء السور والآيات ذات الصلة.

ثانيا: الصيغة الفعلية:

أما الصيغة الفعلية فتنقسم بحسب ورودها في القران الكريم إلى ثلاثة أقسام وهي:

1-                       الماضي: (5) مرات في (4) سور.

2-                       المضارع: (18) مرة في (12) سورة.

3-                       مبني للمجهول: (1) مرة في (1) سورة. فيكون المجموع (24) مرة في (17) سورة.

رابعا: الوجوه الأعرابية :

ومن حيث الأعراب, فقد تعددت الوجوه الإعرابية للكلمة ومشتقاتها حسب ورودها في سياق النص القرآني. ومن الأمثلة على ذلك:

1-  الفاعلية: (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين/الصافات.171).

2-  المفعولية: (وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون/ الزخرف.28).

3-  الابتداء: (ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى/طه.129).

4-  الخبر:(كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون/المؤمنون. 100).

5-  الجر: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم…/آل عمران.64).

6-  الإضافة: (ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم……./ الشورى.14).

7-  توكيد الفعل: (وكلم الله موسى تكليما /النساء/164).

 

 

 

 

 

 

 

خامسا: الفرق بين الكلام والقول:

 

ذكرنا فيما سبق أن القول لدى اللغويين قد يطلق ويراد منه الكلام بقطع النظر عن التقسيم الذي ذهب إليه النحاة. فالقول عندهم يستعمل على أوجه (أظهرها أن يكون للمركب من الحروف المبرز بالنطق مفردا كان أو جملة, فالمفرد كقولك زيد وخرج. والمركب زيد منطلق)(1). والرازي كذلك في تفسيره الكبير ينحو منحى اللغويين من أنّ (الكلمة والقول سواء)(2). مما يدل على أنّ المفسرين لا يلتزمون التقسيم النحوي للكلمة, كما هو بين لمن له اطلاع على آرائهم في هذا الباب من خلال تعرضهم لتفسير المراد من الكلمة. ولا نجد بين مراد أهل اللغة والنحويين من حيث النتيجة فرقا بين الكلام والقول, فكلاهما في عرض واحد من حيث الدلالة على إفادة معنى يحسن السكوت عليه. الفرق هو أن أهل اللغة يعممون دلالة القول حتى على جزء الكلم حسب تعريف النحاة باعتباره اسم جنس لكل من الاسم والفعل والحرف. أي أن الحرف مثلا والذي هو ما أفاد   معنى في غيره يعد قولا عندهم بلحاظ نطقه من جهة وإرادة القائل به دلالة الحرفية بحسب وظيفته الاستعمالية  سواء في الجملة المركبة أم دونها. فتعريفهم للقول يناسب الكلم من حيث أجزائه الثلاثة من  جهة, وكذلك الكلام من جهة إفادة المعنى في محل النطق. كما أنهم لا يشترطون القيد الذي اعتبره النحاة في كون الكلام ما تركب من اسمين أو من فعل واسم إما منفصلين أو مركبين في صيغة واحدة كما في أكتب وأستقم وادرس وغير ذلك. ويعرض صاحب المعجم في مفرداته جملة من الوجوه التي هي مصاديق للقول نشير إليها اختصارا :

·       للمتصور في النفس: (في نفسي قول لم أظهره). (ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله). وهنا جعلت الآية ما يدور في خلدهم وأنفسهم قولا مع أنه لم يبرز نطقا.

·       للاعتقاد: وهو شائع في كتب الجدال والمناظرات عندما يقال أن فلانا يقول بقول أبي حنيفة, أي يعتقد بما يقول.

·       للدلالة على شيء: وهو معنى تكويني ينسب للحالة التي عليها الشيء أذا بلغ حدا لا ينبغي تجاوزه بحسب سعته الوجودية كامتلاء الحوض بالماء حدا أذا ما جاوزه فكأنه يقول لك بلسان الحال كفى.

·       للعناية الصادقة بالشيء: والمراد من ذلك نقل الكلام عن قائله ونسبته اليه على وجه التمام من دون زيادة أو نقصان.

·       الدلالة على الحد عند المناطقة: مثل قول الجوهر كذا أي تعريفه من خلال بيان حدوده.

·       للدلالة على الإلهام: ومنه (قلنا يا ذا القرنين أما أن تعذب) ولم يكن ذلك بخطاب بل  إلهاما.

     وغير ذلك من الوجوه التي يطلق عليها القول أما تجوزا أو على الحقيقة.

 

 

 

 

 

1-    مفردات الراغب. ص430

2-    الرازي. التفسير الكبير. ج8. ص316

 

 

 سادسا: عرض لأسماء السور والآيات القرآنية:

 

1-  أسماء السور وأرقام الآيات:

فيما يلي ثبت بأسماء السور وأرقام الآيات التي ذكرت فيها مفردة الكلمة ومشتقاتها.

أولا: الصيغ الفعلية:

1-  البقرة (يكلمنا/118) (يكلمهم/174) (كلّم/253).

2-  آل عمران (تكلم/41) (يكلم/46) يكلمهم/77).

3-  النساء (كلم/164) (تكليما/164).

4-  المائدة (تكلم/110).

5-  الأنعام (كلمهم/111).

6-  الأعراف (كلّمه/143) (يكلمهم/148).

7-  هود (تكلم/105).

8-  يوسف (كلمه/54).

9-  الرعد (كلم/31).

10-      مريم (تكلم/10) (أكلم/26) (نكلم/29).

11-النور (نتكلم/16).

12-النمل (تكلمهم/82).

13-المؤمنون (تكلمون/108).

14-الروم (يتكلم/35).

15-يس (تكلمنا/65).

16-الشورى (يكلمه/51).

17-النبأ (يتكلمون/38).  

ثانيا: الصيغ الاسمية:

أ‌-      المفرد:

1-  البقرة (كلام/75).

2-  آل عمران (بكلمة/39) (كلمة/64).

3-  النساء (كلمته/171).

4-  الأنعام (كلمة/115).

5-  الأعراف (كلمة/137).

6-  التوبة (كلام/6) (كلمةх2/40) (كلمة/74).

7-  يونس (كلمة/19/33/96).

8-  هود (كلمة/119/119).

9-     إبراهيم (كلمة/24/26).

10-الكهف (كلمة/5).

 

11-طــــــــه (كلمة/129).

12-الصافات (كلمتنا/171).

13-الزمر (كلمة 19/71).

14-المؤمنون (كلمة/100).

15-غافر (كلمة/6).

16-فصلت (كلمة/45).

17-الزخرف (كلمة/28).

18-الشورى (كلمة/14/21).

19-الفتح (كلام/15) (كلمة/26).

 

ب‌-         جمع القلة:

1-  النساء (الكلم/46).

2-  المائدة (الكلم/13/41).

3-  فاطر (الكلم/10).

ج- جمع الكثرة:

1-  البقرة (كلمات/37/124).

2-  الأنعام (كلمات/34).

3-  الأعراف (كلمات/158).

4-  الأنفال (كلمات/7).

5-  يونس (لكلمات/64) (كلمات/82).

6-  الكهف (كلمات/27/109) (لكلمات/109).

7-  لقمان (كلمات/27).

8-  الشورى (كلمات/24).

9-  التحريم (بكلمات/12).

 

2-  الآيات القرآنية:

 

أولا: آيات الأفعال:

البقرة:

1-  (وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يعلمون )(118)

2-  (إنّ الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلاّ النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم) (174).

3-  (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله……..) (253).

 

 

آل عمران:

1-  (قال رب اجعل لي آية قال آيتك أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلاّ رمزا) (41).

2-  (ويكلم الناس في المهد كهلا ومن الصالحين) (46).

3-  (إنّ الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم) (77).

النساء:

1-  (وكلم الله موسى تكليما) (164).

المائدة

1-                       (إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس  تكلم  الناس في المهد وكهلا…….) (110).

 

الأنعام:

1-  (ولو أننا نزّلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا……) (111).

 الأعراف:

1-  (واتخذ قوم موسى من بعده من حليّهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين) (148).

2-  (ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني……) (143).

 

هود:

1-  (يوم تأت لا تكلم نفس إلا بأذنه فمنهم شقي وسعيد) (105).

يوسف:

1-  (وقال الملك ائتوني به استخلصه لنفسي فلما كلمه قال انك اليوم لدينا مكين أمين) (54).

 

الرعد:

1-  (ولو أن قرانا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر جميعا) (31).

مريم:

1-  (قال رب اجعل لي آية قال آيتك أن لا تكلم الناس ثلاث ليال سويا) (10).

2-  ( فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم انسيا). (26).      

3-  (فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا) (29).

النور:

1-  (ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم) (16).

 

الروم:

1-  (أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون) (35).

يـــــس:

1-  (اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون)(65).

 

الشورى:

1-  (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب…….) (51).

                                                                                      

النمل:

1-  (وإذا وقع عليهم القول أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون) (72).

 

النبأ:

1-  (يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا)(38).

 

ثانيا: آيات الأسماء:

 

أ‌-      الأسماء المفردة:

 

البقرة:

1-  (أ فتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون) (75).

آل عمران:

1-  (إنّ الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا و حصورا ونبيا من الصالحين) (39).

2-  (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألاّ نعبد إلاّ الله ولا نشرك به شيئا) (64).

النساء:

1-  (وكلم الله موسى تكليما) (164).

 

2-  (إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله و كلمته ألقاها إلى مريم وروح منه) (171).

 

الأنعام:

1-  (وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم) (115)

 

الأعراف:

1-  (وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا) (137).

التوبة:

1-  (وان أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله) (6).

2-  (وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا) (40).

3-  (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم) (74).

يونس:

1-  (وما كان الناس إلاّ أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم فيما فيما فيه يختلفون) (19).

2-  (كذلك حقت ربك كلمة على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون) (33).

3-  (إنّ الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون) (96).

 

هود:

1-  (ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا سبقت من ربك لقضي بينهم وإنّهم لفي شك منه مريب) (110).

 

2-                       (وتمت ربك لأملأنّ جهنم من الجنة والناس أجمعين) (119).

إبراهيم:

1-  (ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة) (24).

2-  (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار) (26).

طـــــــه:

1-  (ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى) (129).

المؤمنون:

1-  (كلا إنهاّ كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون) (100).

الكهف:

1-  (ما لهم من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلاّ كذبا) (5).

 

الزمر:

1-  (أفمن حقت عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار) (19).

 

2-  (……… ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين) (71).

 

غافر:

1-  (وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار) (6).

 

فصلت:

1-  (ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وإنهم لفي شك منه مريب) (45).

 

الزخرف:       

1-  (وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون) (28).

   الصافات:

1-  (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين) (171).

 

الشورى:

1-  (ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم) (14).

2-  (ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وان الظالمين لهم عذاب أليم) (21).

الفتح:

1-  (سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله) (15).

 

2-  (……… وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها) (26).

 

ب : أسماء الجمع:

أولا: جمع القلة:

النساء

1-                       (من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا…….) (46).

المائدة:

1-  ومن الذين هادوا سمّاعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم عن مواضعه) (41).

 

2-  (فبما نقضهم ميثاقهم لعنّاهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه) (13).

فاطر:

1-  (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) (10).

ثانيا: جمع الكثرة:

البقرة:

1-                       (فتلقى ادم من ربه كلمات فتاب عليه انه هو التواب الرحيم) (37).

2-                       (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فتاب عليه قال إني جاعلك لناس إماما) (124).

 

الأنعام:

1-  (ولقد كبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذّبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين) (34).

 

الأعراف:

1-                       (فامنوا بالله ورسوله النبي الذي يؤمن بالله وكلماته و اتبعون لعلكم تهتدون) (158).

 

الأنفال:

1-                       (ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين) (7).

 

يونس:

1-  (لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل الله ذلك هو الفوز العظيم) (64).

2-  (ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون) (82).

الكهف:

1-  (واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا) (27).

2-  (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا) (109).

لقمان:

1-  (ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إنّ الله

عزيز حكيم) (27).

 

 الشورى:

1-  (أم يقولون افترى على الله كذبا فان يشأ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته انه عليم بذات الصدور) (24).

التحريم:

1-  (ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين) (12).

 

ج- أوصاف الكلمة في القران الكريم:

لقد تعددت هذه الأوصاف حسب سياقاتها التي وردت فيها والأغراض التي أريد بيانها. وهذه الأوصاف هي :

1-  كلمة طيبة

2-  كلمة خبيثة

3-  كلمة سواء

4-  كلمة التقوى

5-  كلمة الفصل

6-  كلمة العذاب

7-  كلمة الحسنى

8-  كلمة الكفر

9-  كلمة سفلى (باعتبار الجعل الإلهي)

10- كلمة عليا   (كذلك)

11- كلمة باقية  (كذلك)

12- الكلم الطيب

13- كلمة ربك

 وغيرها مما سنمر على ذكرها في سياقاتها والتعليق على المراد منها في الفصل الثاني. وهو ما يوقفك على ثراء التعبير القرآني وسعة إمكاناته الدلالية في استثمار المفردات, وتوجيهها إلى مقاصد بلاغية تختصر حاجة المتكلم بأوجز تعبير, وأقصر بيان. ويلاحظ أنّ القران يقدم عرضا ثنائيا من خلال المقابلة بين الوصف وضده أحيانا, بقصد التأثير على المتلقي وإعطائه الفسحة للتأمل والاستنتاج. ومن ثم ترك الخيار له. وهو ما نجد له مثالا من واقع حياتنا اليومية. حيث نرى (س) من الناس عندما يعرض على (ص) أحد أمرين يخيره بينهما من موقع من بيده الحل والعقد كي يلزمه بالنتيجة بناء على اختياره على جهة الترغيب تارة والترهيب أخرى. ويقيم عليه الحجة بفساد عذره لما تقدم من تحقق إرادته في الاختيار قبل الشروع بالأمر.

 ومن الأمثلة على ذلك لاحظ التقابل بين كل من:

 

1-  كلمة طيبة,  الكلم الطيب × كلمة خبيثة

2-  كلمة عليا × كلمة سفلى

3-  كلمة التقوى, كلمة الحسنى, كلمة سواء × كلمة الكفر, كلمة العذاب

 

 

 

 

 

 

الفصل الثاني

سنشير في هذا الفصل إلى المراد من البعد التكويني والاعتباري لمفهوم الكلمة, وفي حدود المنهج الذي رسمناه لمادة البحث. لأن عملنا هنا ينصب على تقديم محاولة تطبيقية  من خلال عرض نماذج من الآيات ذات الصلة من جهة, وإلقاء الضوء على معطياتها الفكرية ودلالاتها البلاغية وفق سياقاتها الخاصة من خلال هذه النماذج التفسيرية.

 ومن المعلوم لدى الدارسين لعلوم القرآن أن واحدا من المقدمات اللازمة والضرورية لدى الباحث في النص القرآني هو التقديم بين يدي بحثه للإشارات اللغوية التي تنبثق عن قراءة النص, ومن ثم الغوص في تضاعيفه والكشف عن مدلولاته التأويلية عبر الاستشهاد بالمعطيات المعرفية الأخرى كالآيات القرآنية والأحاديث النبوية وما شاع على ألسنة العرب من فنون القول وضروبه. حيث تتم عملية الكشف الدلالي للنص باعتماد هذه المعطيات كقواعد وأطر منهجية يستدل بها على بيان المقاصد التي تترشح لديه بمقدار الذوق المعرفي السليم  والمتأصل في وعيه بعيدا عن ممارسة الإسقاطات النفسية التي تعكس أزمة نفسية نتيجة وجود خلل في المناخ التربوي الذي نشأ فيه وطبيعة المعارف التي تلقاها, مما يوجد خللا بنيويا في النسق المعرفي لديه والذي ينتج تركيبة مشوهة من المفاهيم السقيمة لأدواته المعرفية فيجعله غير قادر على التعاطي مع النص القرآني بروحية منفتحة قادرة على التأمل في دلالات النص والسير في آفاقه كما ينبغي. وهذه المعضلة هي ما نجدها في كثير من الكتابات والتفاسير التي بين أيدينا, إذ قلما انفلتت من عقال التحيز المسبق. للموروث الذي يتنفس من خلاله الباحث أو المفسر, وذلك عبر إسقاط هذا الموروث على ما لا يتحمله النص. لذلك فان ما سنعرضه من شواهد وأمثلة سيعطي القارئ فسحة للتأمل في تعدد مستويات القراءة للنص الواحد وتباين الرؤى لدى الاتجاهات التفسيرية ومدى الموضوعية من عدمها لدى هذا المفسر أو ذاك ..

 البعد التكويني والاعتباري:

يطلق البعد التكويني هنا ويراد به ما له صلة بالجانب الفعلي والعملي, وذلك بإبراز القضايا الإنشائية إلى عالم الفعل والإيجاد. وهو ما يمكن الاستدلال عليه بلحاظ ما تستبطنه المفردة على تعدد صيغها الفعلية والاسمية من إشارات تنبئ عن هذا المعنى. ومن ذلك ما دل على الإرادة والمشيئة, فأن قوله تعالى فعله كما تقدم, وهو ما دلّ عليه بقوله (كن فيكون). وقد تكون هذه الكينونة إما مباشرة أو بجريانها على يد من يشاء من عباده طبقا لما تقتضيه المصلحة كالمعجزات كما نص على ذلك كثير من الآيات القرآنية . فهذه الـ (كن فيكون) والتي هي إيجاد وفعل تحكي ما يصدر عن المولى سواء ما تعلق بالتنزيل كالكتب السماوية المشتملة على المعارف والعلوم كل بحسب ما اقتضته الحكمة  الإلهية من خصوصيات لكل منها بما يتناسب والتكليف المناط بكل أمة من الأمم ومدى أهليتها واستعدادها للترقي في حدود المعطيات المتوفرة في بيئتها للأخذ بما في هذه الكتب, أو ما هو جار في عالم الإمكان من التنوع في مظاهر الوجود من كينونات على اختلاف طبيعتها. كل ذلك يمكن تلمّسه من خلال ما دلّت عليه هذه الصيغ بحسب مواردها في القران على المظاهر

 

 

الكونية. وأما الاعتباري فأمره بيّن, لأنّ الخطابات الإنشائية المباشرة والخبرية التي تضمنت دلالة الإنشاء بنحو الحكاية هي داخلة في دائرة التشريع وما هو أوسع دائرة منه.  وان كانت هي الأخرى تفصح عن البعد التكويني كما أشرنا في مقدمة البحث, أي أن المراد من أن الكلام أو القول هو فعل أنما هو حكاية عن إرادة المتكلم وكاشف عنه, وهو في نفسه فعل أيضا باعتبار صدوره عنه.  بغض النظر عما اشتمل عليه من خصوصيات, سواء كان الأمر تكليفا كالوجوب والحرمة أم استحبابا ونحو ذلك. فالإمام علي (ع) يبرهن بضرس قاطع أنّ كلام الله هو إيجاد وفعل صادر عنه سبحانه وتعالى, وان تعددت صور هذا الكلام كما تفيده الآية من سورة الشورى: (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلاّ وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه عليّ حكيم)(1). (يقول لمن أراد كونه« , لا بصوت يقرع, ولا بنداء يسمع وانما كلامه سبحانه فعل منه, أنشأه ومثّله)(2). ومن الجليّ أنّ معنى قوله (ع) أنشأه ومثله هو الإيجاد والتكوين وصدور الكلام بنحو ما أشارت إليه الآية السابقة, وهذا هو الفعل عينه. وهو أيضا دليل على كونه حادثا وليس بقديم, لما تقدم من أن الفعل دال على الحدوث, ولأن الكلام فعل فهو إذن حادث. (كما ثبت أنّ كلام الله حادث وليس بقديم, لأنّ كلامه هو فعله, ومن الواضح أنّ الفعل حادث, فينتج من ذلك أنّ التكلم أمر حادث أيضا)(3). فهذه الصور الثلاث المشار إليها في الآية كلها تجليات لكلامه تعالى تصدر عنه بحسب ما تقتضيه مرتبة ومقام النبي بالنسبة إلى من سواه.  وفيما يلي جملة من الشواهد القرآنية التي استوعبت كلا البعدين على تنوع المصاديق فيها.

1-  الموجود العيني:(إنما المسيح ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه)(4). وهنا دلت الكلمة على عيسى (ع). ووجه تسميته بالكلمة أنه خلق بكلام الله من غير أب, أو أنه سمي بذلك لأن الناس يهتدون به كما يهتدون بكلام الله.

2-  الدعاء: (فتلقى ادم من ربه كلمات فتاب عليه انه هو التواب الرحيم) البقرة)(5). وفي مجمع البيان للطبرسي أن المراد من الكلمات قد اختلف فيه, حيث يورد جملة من الأقوال. لكنه ينقل رواية تختص بأهل البيت (ع) (إنّ ادم رأى مكتوبا على العرش أسماء معظّمة مكرّمة, فسأل عنها؟ فقيل له: هذه أسماء أجل الخلق منزلة عند الله تعالى, والأسماء: محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين. فتوسل ادم عليه السلام إلى ربه بهم في قبول توبته ورفع منزلته)(6).

3-  الابتلاء: (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما….)(7).

وقد تعددت الروايات في بيان المراد من هذه الكلمات. فقد روي عن الصادق (ع) أنه ما ابتلاه الله به في نومه وأنه لما صدق ذلك أنزل الله عليه الحنيفية, وهي الطهارة, وهي عشرة أشياء ذكرها الطبرسي في تفسيره. كما نقل عن ابن عباس رواية أخرى في الابتلاء. وكذلك عن أبي علي الجبائي أنه أراد بذلك كل ما كلفه من الطاعات العقلية والشرعية, إلى أن يقول الطبرسي والآية محتملة لجميع هذه الأقاويل التي ذكرناها.

1-  الشورى/51

2-  نهج البلاغة. خ186

3-  العقيدة الإسلامية. ص77

4-  النساء/171

5-  البقرة/37

6-  الطبرسي. مجمع البيان. ج1. ص174

7-  البقرة/124

 

 

 ثم ينقل رواية عن الشيخ أبي جعفر بن بابويه- رحمه الله- النبوة بإسناده مرفوعا إلى المفضل بن عمر عن الصادق عليه السلام في تفسيرها أن ادم قال : يا رب أسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلاّ تبت علي فتاب عليه. انه هو التواب الرحيم. فقلت له: يا بن رسول الله, فما يعني بقوله: (فأتمهن)؟ قال: أتمهن إلى القائم اثني عشر إماما, تسعة من ولد الحسين عليه السلام)(1). وأما ما في عموم ما ذكره المفسرون من علماء السنة على اختلاف مذاهبهم واتجاهاتهم العقدية فهم مجمعون على أن المراد من الكلمات هي قوله تعالى: (ربنا إننا ظلمنا أنفسنا فاغفر لنا…. الآية)(2). ونقلوا عن جملة من الصحابة والتابعين مع اختلاف في بعض الكلمات هنا وهناك, أن الله سبحانه وتعالى ألهم ادم عليه السلام الكلمات التالية للدعاء بها طلبا للمغفرة. ومن ذلك ما ذكره البيضاوي في تفسيره: (سبحانك اللهم وبحمدك, وتبارك اسمك, وتعالى جدك, لا اله إلا أنت ظلمت نفسي فاغفر لي, انه لا يغفر الذنوب إلا أنت)(3).

4-  التوحيد: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألاّ نعبد إلاّ الله ولا نشرك به شيئا)(4). وكذلك قوله تعالى (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه)(5). (فالكلم الطيب وهو الاعتقاد المفسّر بالتوحيد هو الصاعد إلى الله تعالى, أما دور العمل فيقتصر على رفع ذلك الاعتقاد أو الكلم الطيب)(6).

والمراد من وصف الكلمة بالسواء هو كونها عادلة لا ميل فيها. وهي دعوة إلى ترك العبادة لغير الله بدليل ما بعدها (ألا نعبد إلا الله) فهي مفسرة له. لأن العبادة لا تحق إلاّ له. وهي دعوة إلى (العمل بها أي التوحيد العملي دون اعتقاد الوحدة)(7).

5-  الحجج والبيّنات وأبطال السحر: (ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون) يونس)(8). وذكر الآلوسي  في تفسيره (أن الكلمات هي الأوامر والقضايا. والمؤدى واحد من حيث النتيجة لأن الأوامر هي من سنخ ما تقتضيه من الحجج والبراهين التي أبطل بها الله السحر على يد نبيه موسى (ع)(9). وأما الرازي في تفسيره مفاتيح الغيب (فان الكلمات هي بوعده موسى. وقيل بما سبق من قضائه وقدره)(10).

6-  التوراة: (أ فتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون)(11). وهو ما ذكره العلامة الشيخ محمد جواد مغنية في تفسيره الكشاف.ج1/104.

7-  تحريف الألفاظ وإبدالها: (فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه)(12).

وذلك بالزيادة أو النقصان, أو بإسقاط حرف أو كلمة.

 

 

1-  الطبرسي. مجمع البيان. ج1. ص397-399

2-  الأعراف/23

3-  البيضاوي. أنوار التنزيل. ج1. ص73

4-  ال عمران/64

5-  فاطر/10

6-  فلسفة الدين. ص29

7-  الميزان. ج3. ص138

8-  يونس/82

9-  تفسير الالوسي. ج8. ص85

10-                        الرازي. مفاتيح الغيب. ج8. ص331

11-                        البقرة/75

12-                        المائدة/13

 

 

8-  الشرائع والكتب السماوية: (ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدّقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين)(1).

9-  الأوامر التكوينية: (ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إنّ الله عزيز حكيم)(2).

وأما هذه الآية (فسيقت للدلالة على سعة تدبيره وكثرة أوامره التكوينية في الخلق والتدبير إلى حيث ينفد البحر الممدود بسبعة أمثاله لو جعل مدادا وكتبت به أشجار الأرض المجعولة أقلاما قبل أن تنفد أوامره وكلماته)(3). ومن العلماء من فسر المراد من الكلمات في هذه الآية بالمخلوقات: 

(فالمقصود من الكلمات في هذه الآية هو مخلوقات الله التي لا يقدر شيء غير ذاته سبحانه على إحصائها وعدّها)(4).

10  – القران الكريم: (وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم)(5).

   (فالمراد بتمام الكلمة- والله أعلم – بلوغ هذه الكلمة أعني ظهور الدعوة الإسلامية بنبوة محمد صلى الله عليه واله وسلم ونزول الكتاب المهيمن على جميع الكتب مرتبة الثبوت) (وأن المراد به انتهاء تدرج الشرائع من مراحل النقص إلى مرحلة الكمال)(6).

  وهناك تفسير آخر للمراد من الكلمة وهو ولادة الحجة المنتظر (عج) كما في الدعاء الذي رواه الشيخ والسيد وهو من أعمال ليلة النصف من شعبان. وهو بمثابة زيارة للإمام الغائب صلوات الله عليه. وهذا

التفسير هو من باب الجري, نقتبس منه موضع الحاجة: (اللهم بحق ليلتنا هذه ومولودها وحجتك وموعودها, التي قرنت إلى فضلها فضلا, فتمت كلمة ربك صدقا وعدلا, لا مبدل لكلماتك ولا معقب لآياتك……… إلى آخر الدعاء)(7). فالدعاء يفسر الكلمة في هذه الآية بكونها دالة على إرادة الله وانجاز وعده وإنفاذ أمره في أن يتم حجته على عباده بولادة الإمام المنتظر (ع) كما نص بذلك على لسان نبيه صلى الله عليه واله وسلم في جملة من الروايات المتواترة والصريحة السند والدلالة على أن الأئمة هم اثنا عشر, وأنّ آخرهم هو الموعود الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا.

11  – النصر والخذلان :(وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا)(8).

 يقول الفيض الكاشاني في تفسيره الأصفى عن القمّي: (هو قول رسول الله. ويستفاد مما سبق أنّ كلمتهم ما كانوا يمكرون به من إثباته, أو قتله, أو أخراجه, وكلمة الله نصره وغلبته عليهم)(9).

وجاء في تلخيص البيان في مجازات القران للشريف الرضي: (وهذه استعارة لأن الكلمة ها هنا هي كناية عن نحلة المشركين ونحلة المؤمنين وإنما سميت النحلة كلمة لأن المعتقد لها لا بد أن يظهر قولا يستدل به على اعتقادها يكون الشعار لها والعلامة ومعنى علو كلمة الله سبحانه على كلمة الكفار ظهور دينه على دينهم واستعلاء رسوله  ص على جماعتهم)(10).

1-  التحريم/12

2-  لقمان/27

3-  الميزان. ج16. ص123

4-  العقيدة الإسلامية. ص76

5-  الانعام/115

6-  الميزان. ج7. ص183

7-   القمي. مفاتيح الجنان. ص183

8-  التوبة/40   

9- الاصفى.ج1. ص467  

 10- تلخيص البيان. ص60

 

 

12  – تأخير الحكم والقضاء: ( وما كان الناس إلاّ أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون)(1). والكلمة التي سبقت هي ما جاء في الآية (36) من سورة البقرة: ( قلنا اهبطوا منها  بعضكم لبعض ولكم في الأرض مستقر ومتاع الى حين). فيكون ذلك تفسيرا لقوله تعالى (ولولا أجل مسمى لقضي بينهم).

13  – المواعيد: (ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين)(2).

14  – الإمامة: (وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون)(3).

    هذه الآية فيها أقوال, منها دلالتها على التوحيد كما يذهب إلى ذلك جملة من المفسرين الطبرسي في مجمع البيان. لكن الروايات التي تذكر في تفسيرها تذهب إلى أن المراد من الكلمة هو الإمامة وهو من باب الجري. (وقيل الكلمة الباقية في عقبه هي الإمامة إلى يوم الدين عن أبي عبد الله عليه السلام)(4).وفي تعليقه على ما أورده الطبرسي في تفسيره من كون الكلمة هي الإمامة نقلا عن أبي عبد الله عليه السلام, يذكر العلامة في تفسيره الميزان التالي: (والتأمل في الروايات يعطي أن بناءها على إرجاع الضمير في «جعلها» إلى الهداية المعروفة من قوله «سيهدين»). ثم يورد الآية (124) من سورة البقرة, والتي تتناول  

     موضوع جعل الإمامة مبينا أنّ وظيفة الإمامة بلحاظ الهداية المطلقة, والتي تتناول موضع جعل الإمامة مبينا أن وظيفة الإمامة بلحاظ الهداية المطلقة التي ذكرها إبراهيم(ع).

 (إنّ الإمام وظيفته هداية الناس في ملكوت أعمالهم بمعنى سوقهم إلى الله سبحانه بإرشادهم وإيرادهم درجات القرب من الله سبحانه وتنسب إليه بالتبع أو بالعرض. وفعلية الهداية النازلة من الله إلى الناس تشمله

     أولا ثم تفيض عنه إلى غيره, فله أتم الهداية ولغيره ما هي دونها. وما ذكره إبراهيم عليه السلام في قوله «فانه سيهدين» هداية مطلقة تقبل الانطباق على أتم مراتب الهداية التي حظ الإمام منها فهي الإمامة وجعلها كلمة باقية في عقبه جعل الإمامة كذلك)(5).

ويفهم من كلامه أن الإمامة من أبرز مصاديق الهداية. فتكون الكلمة هنا بمعنى الحق الثابت والمستمر في ذرية إبراهيم (ع) بأمره الذي قرره في كتابه (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا….. الآية)(6). ومضمونها هو أن جعل الإمامة إنما في من كانت هدايته منا من دون توسط طرف آخر, وأن ما يصدر عنهم هو  عين ما أردناه من حقيقة الهداية التي لا تتحقق إلا بالإمامة. فقوله تعالى (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده)(7) إشارة إلى أصل الهداية المفاضة منه تعالى على الإمام وتحققها فيه ومن ثم في غيره. وإلا كانت سالبة بانتفاء الموضوع. إذ كيف يكون إماما من كانت هدايته بهداية من هو أدنى منه شأنا؟ (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدّي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون)(8).

15  – العقاب الإلهي: (ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين)(9).

16  – المناجاة:(ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك……)(10).

1-  يونس/19

2-  الانعام/35

3-  الزخرف/28

4-  مجمع البيان. ج9. ص68

5-  الميزان. ج18. ص56

6-  الأنبياء/73

7-  الانعام/90

8-  يونس/35     9- الزمر/71   10- الأعراف/143

 

 

17  – الخطاب: (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله….)(1).

18  – التحالف على الأذى: (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم…)(2).(عن القمي: نزلت في الذين تحالفوا في الكعبة أن لا يردوا هذا الأمر في بني هاشم, فهي كلمة الكفر)(3).

19  – الإيمان: (إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحميّة حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليما)(4).

 وفي تفسيرها (أنّ المناسب هو روح التقوى التي تحمل مفهوما تكوينيا, وهي وليدة الإيمان والسكينة   والالتزام القلبي بأوامر الله سبحانه)(5).

20  – النطق التكويني: (اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون)(6).

21  – الإيماء: (قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلاّ رمزا)(7).

وهنا تصبح الإيماءات والإشارات رموزا بدل الكلمات التي ينطق بها زكريا (ع).

22- المنّ والتفضل: (وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا)(8). إشارة إلى قوله تعالى في الآية (5) من سورة القصص (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض……)(9). ويؤيد ذلك ما جاء في دعاء السمات (وجاوزت ببني إسرائيل البحر, وتمت كلمة ربك  الحسنى عليهم بما صبروا, وأورثتهم مشارق الأرض ومغاربها التي باركت فيها للعالمين, وأغرقت فرعون وجنوده ومراكبه في اليم…)(10).

23- الطائفة من الكلام: (كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون) المؤمنون)(11). وهي قوله تعالى (قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت). (فهي جزء الآية المسبوقة بالنفي)(12. وكذلك يفهم من سياق الآية دلالتها على التمني والشعور بالندم. (إنّ المحتضر إذا وقف على سوء مصيره يتمنى عودته إلى الدنيا ليتدارك ما فات منه)(13).

24- الحكم والقضية: (ومن الذين هادوا سمّاعون للكذب سمّاعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وان لم تؤتوه فاحذروا…)(14).

 

 

1-  البقرة/253

2-  التوبة/74

3-  تفسير الصافي. ج2. ص414

4-  الفتح/26

5-  تفسير الأمثل. ج16. ص482

6-  يس/65

7-  ال عمران/41

8-  الأعراف/137

9-  تفسير الكشاف. ج2. ص280

10-      مفاتيح الجنان. ص86

11-      المؤمنون/100

12-      الكشاف. ج4. ص367

13-      العقيدة الإسلامية. ص231

14-      المائدة/41

 

 

 

 

وقد جاء في معنى الكلم هنا (إنّ عدة من اليهود ابتلوا بواقعة دينية فيما بينهم, لها حكم الهي عندهم لكنّ علماءهم غيروا الحكم بعد ثبوته ثم بعثوا طائفة منهم إلى النبي صلى الله عليه واله وسلم وأمروهم أن يحكّموه في الواقعة فان حكم بما أنبأهم علماؤهم من الحكم المحرف فليأخذوه وان حكم بغير ذلك فليحذروا)(1).

25- القضاء والحتم :(ولقد كذّبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذّبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل  لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين)(2). ويعلّق العلامة الطباطبائي في تفسيره على المراد من قوله تعالى (ولا مبدل لكلمات الله) بقوله: (ومن هنا يظهر أن هذه الكلمات التي أنبأ سبحانه عن كونها لا تقبل التبديل أمور خارجة عن لوح المحو والإثبات. فكلمة الله وقوله وكذا وعده في عرف القران هو القضاء والحتم الذي لا مطمع في تغييره وتبديله)(3).

26- البشارة والفوز: (الذين امنوا وكانوا يتقون- لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات

الله ذلك هو الفوز العظيم)(4). وهو ما يدل عليه السياق من أن الكلمات هي البشارات الإلهية بالنصر في الدنيا والفوز بالرضوان في الآخرة.

27- العذاب والخسران: (إنّ الذين حقّت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون)(5). (وهم المكذبون حقت عليهم كلمة العذاب فهم لا ‹يؤمنون›)(6).

28- الإيمان والإخلاص والكفر والضلال: (ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة خبيثة…….        ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة……/ إبراهيم. 24). (ومعنى أنها طيبة أنها زاكية نامية كالشجرة الزاكية    النامية التي يرجى إيراقها وإثمارها ويؤمن إخلافها وإيباسها فنفعها مأمول وخيرها مأمون والكلمة الخبيثة    التي هي دعوة الكفر كالشجرة الخبيثة المقتلعة لا أصل لها ثابت ولا فرع نابت ..) (تلخيص البيان/96).

29- نسبة الولد إلى الله تعالى افتراء: (وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا- ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلاّ كذبا) الكهف (4-5). وفي تفسير الميزان ج13/127 جاء ما نصه في بيان المراد من الكلمة (ذم لهم وإعظام لقولهم  اتخذ الله ولدا  لما فيه من عظيم الاجتراء على الله سبحانه بنسبة الشريك والتجسم والتركب والحاجة إلى المعين والخليفة إليه تعالى عن ذلك علوا كبيرا). (ووصف الكلمة هاهنا بالكبر استعارة والمراد أن معناها فظيع وفحواها عظيم وتقدير الكلام «كبرت الكلمة كلمة».. تلخيص البيان/ 121).

 

1-  الميزان. ج5. ص195

2-  الانعام/34

3-  الميزان. ج7. ص32

4-  يونس/64

5-  يونس/94

6-  الميزان. ج10. ص64

7-  إبراهيم/24

8-  تلخيص البيان. ص96

9-  الكهف/4-5

10-                        الميزان. ج13. ص127

11-                        تلخيص البيان. ص121

 

 

30- مراتب التفضيل: (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله….)(1). (إنّ الصفات الفاضلة على قسمين: منها ما هو بحسب نفس مدلول الاسم يدل على الفضيلة كالآيات البينات, وكالتأييد بروح القدس كما ذكر لعيسى (ع) فانّ هذه الخصال بنفسها عالية سامية, ومنها: ما ليس كذلك, وإنما يدل على الفضيلة ويستلزم المنقبة بواسطة الإضافة كالتكليم, فانّه لا يعد في نفسه منقبة وفضيلة إلاّ أن يضاف إلى شيء فيكتسب منه البهاء والفضل كإضافته إلى الله عز اسمه)(2). أما الآلوسي فأنه يشير إلى أن التفضيل هنا هو من باب التفصيل ليس إلاّ: (فأنه تفصيل للتفضيل المذكور إجمالا)(3). ونكتفي بهذه الشواهد على وظيفة الكلمة ودلالاتها على سبيل المثال لا الحصر. ومن شاء يمكنه أن يلتمس المزيد من الشواهد في القران مما لم نثبته روما للاختصار, والحمد لله أولا وأخرا…

31- العقاب الأخروي: (وتمت كلمة ربك لأملأنّ جهنم من الجنة والناس أجمعين)(4). فالكلمة هنا هي إنفاذ الحكم في حق العاصين من الجنة والناس يوم القيامة والتأكيد على ذلك بلام القسم, وكون ذلك من الحتم. وفي سياق الآية تنبيه على أن العاصين ليسوا بمفازة من العذاب, وعبّر عن تمام الكلمة بصيغة الخبر لكونه مفروغا منه لا بداء فيه. وهي تتضمن معنى الوصف, أي أنّ كلمة ربك تامة. فتكون الجملة ما بعد (كلمة ربك) تفسيرا للكلمة التامة.

32- تبليغ الأوامر الإلهية: (واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا)(5). والكلمات بحسب ظاهر الآية على ما يفيده السياق هو ما أوحى الله إلى نبيه من الآيات, وتصدر الآية بلزوم التلاوة أي قراءة الآيات على قومه وتبليغها. وفي ورود الفعل (أتل) بدل إقرأ نكتة مهمة تفيد أن القراءة تكون بنحو متدرج وعلى مهل ليتحقق الغرض من التبليغ, وفي تفسير الميزان ما نصه: (واتل عليهم هذه الآيات المشتملة على الأمر الإلهي بالتبليغ لأنه كلمة إلهية ولا تتغير كلماته وأنت رسول ليس لك إلا أن تميل إلى مرسلك وتؤدي رسالته)(6).

33- كلمة الفصل: (ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم)(7).

والكلمة الفصل هنا هي أيضا ما تقدم ذكره من أن المراد منها هو قضاء الله الذي سبق في علمه بأن الجزاء يكون في الآخرة.

34- كلمة العذاب: (أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار)(8)

 

 

 

1-  البقرة/253

2-  الميزان. ج2. ص178

3-  تفسير الالوسي. ج2

4-  هود/119

5-  الكهف/27

6-  تفسير الميزان. ج13. ص158

7-  الشورى/21

8-  الزمر/19

                                                                           

 

 

 

 

 

نتائج البحث

1-  أن الكلمة بأي نحو وردت في القران لها بعدان تكويني وتشريعي. فالبعد  التكويني هو ما عبرت عنه الآية بقوله تعالى (أنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون)(1). وقد تمثل هذا البعد في

 الآية (109) من سورة الكهف و(27) من سورة لقمان. ومن ذلك أيضا خلق عيسى (ع) كمثال على الوجود النوعي, وتكلم الجوارح بأذنه تعالى كما في الآية (65) من سورة يس. وأما البعد التشريعي فهو يتمثل في الأحكام الشرعية الإنشائية منها والخبرية.

2-  أن القران الكريم تبنى وجهة نظر أهل اللغة في العلاقة بين الكلام والقول. فكل كلمة نسبت إليه تعالى في القران هي قوله بالمعنى الأعم.

3-  أن الكلمة بلحاظ صدورها عن قائلها تعد سنخ فعل من المتكلم (القائل), وهي على هذا الأساس ذات بعد تكويني وان تضمنت خطابا تشريعيا على نحو الأخبار أو الإنشاء. وهي تمر بمستويين : من حيث الثبوت والإثبات. وبعبارة العلامة الطباطبائي في تفسيره الميزان ما مفاده: أن الكلمة تبقى ناقصة (المستوى النظري/ الثبوت) من حيث صدورها. أي أنها فعل ناقص إذا صح التعبير, فإذا تلبست لباس العمل اكتملت وهذا هو (المستوى العملي/ الإثبات).

4-  أما التقسيم الذي اعتمده النحاة في تعريفهم للكلام والكلم والكلمة, فان القران الكريم وظّفه بلحاظ واحد. وهو إفادة المعنى بقطع النظر عن خصوصيات كل منها حسب التعريف النحوي.

5-  لقد وظّف النص القرآني للمصطلح النحوي (الكلم) بمصاديقه الثلاثة توظيفا بلاغيا للإشارة إلى ظاهرة التحريف لدى أهل الكتاب كما مر علينا في ثلاثة مواضع, منها قوله تعالى (يحرفون الكلم عن مواضعه), من دون بيان مصاديق الكلم من حيث الاسمية أو الفعلية أو الحرف, باستثناء ما دل على التوحيد بحسب التفسير في الآية (10) من سورة فاطر.

6-  وردت مفردة الكلمة على تعدد صيغها الاسمية والفعلية (71) مرة, وقد فصلنا القول في تصنيفها من حيث نسبة كل من الصيغتين وأشرنا إلى وجوهها الأعرابية من حيث الماضي والمضارع وغير ذلك.

7-  إنّ القران الكريم بكل ما اشتمل عليه من آيات أطلق عليه بالكلمة بنحو العناية, وهو إطلاق معهود بين أهل اللغة والأدب, كتسمية الخطبة كلمة والقصيدة كلمة وهكذا..

8-  عرضنا على سبيل المثال لا الحصر شواهد من النصوص القرآنية كتطبيق لدلالة الكلمة وتنوعها الدلالي.

9-  أن هذا التنوع الدلالي للكلمة هو وجه أعجازي للقران الكريم, فالنسبة العددية التي نيّفت على السبعين هي من الكثرة بنحو يلفت النظر إلى أهمية هذه المفردة لما تختزنه من قدرة واتساع في التمظهر, وهي خاصة مهمة تتميز بها هذه المفردة.

10-  كما أشرنا إلى ماهية العلاقة بين الكلام والقول ووجه الشبه بينهما. وقلنا أن القول هو حكاية عن الكلام وإخبار عنه, فبينهما عموم وخصوص من وجه. و تعريف القول لدى أهل اللغة مساوق لتعريف الكلم لدى

11-  النحاة من جهة والكلام أيضا من حيث إفادته للمعنى, وبذلك يكون القول لدى أهل اللغة أوسع دائرة من حيث التعريف ومن حيث الوظيفة الاستعمالية.

1-  يس/82

 

12-  يقدم القران عرضا ثنائيا بين الوصف وضده في بعض الموارد بقصد التأثير المطلوب على المتلقي وإيجاد فسحة من التأمل لديه لكي يكون قادرا على الموازنة والتقييم ومن ثم تحديد موقفه واختياره وبالتالي يكون مسؤولا عن النتائج التي تترتب على هذا الاختيار..

13-  كما أشرنا باقتضاب إلى جانب من آراء المتكلمين من الإمامية والأشاعرة والمعتزلة وموقف كل منهم من المراد من الكلام باعتبار صدوره عن الله سبحانه وتعالى ونسبته إليه على الوجه الذي يصح صدوره عنه متمثلا سواء بالقران الكريم وغيره من الكتب السماوية, وهل أنّ القران مخلوق أم محدث؟ أو انّه قديم أم لا؟, وما جره من النزاع الذي أدى إلى ما يسمى بمحنة خلق القران في العصر العباسي, والذي أدى إلى ابتلاء جملة من فقهاء ومتكلمي ذلك العصر بالتطاول عليهم, وذلك بالضرب والسجن كإمام الحنابلة أحمد بن حنبل وابن حماد وآخرين, حتى اضطر البعض تحت محنة التعذيب إلى موافقة الحاكم على رأيه للنفاذ بجلده. وقد كان لمتكلمي المعتزلة وفقهائهم المكانة والحظوة لدى الخلفاء الذين دانوا بعقيدة الاعتزال كالمعتصم والمأمون مما مكّنهم من بسط نفوذهم وفرض آرائهم على الناس وحملهم على الأخذ بها. وهذه الظاهرة لا تختلف من حيث المقاصد والوسائل عما شهدته أوروبا في القرون الوسطى من نشوء محاكم التفتيش بمباركة من الكنيسة بقصد القضاء على كل من يخرج على سلطة الكنيسة وأفكارها وذلك باتهامها بالمروق والحكم عليها بالتجديف والكفر مما يمنح الكنيسة المبرر لإنزال عقوبة الموت على من يخالفها. ولعل قصة العالم الفلكي (غاليلو) من الشهرة بمكان حين اضطر إلى التراجع عن قوله بدوران الأرض حول الشمس خلافا لما تقوله كتب العهد القديم من أن الأرض هي مركز الكون وهي ثابتة. ومع تراجعه فإنه على ما يذكر أخذ يتمتم مع نفسه وهو يخرج من المحكمة بقوله: ولكنها مع ذلك تدور.    

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مصادر البحث

 

1-  القران الكريم.

2-  الطبرسي. مجمع البيان. المجمع العالمي لأهل البيت. http://www.ahl_ulbayt.org/Final_lib/index_arabic.htm.

3-  الطباطبائي. تفسير الميزان. موقع الكوثر. http://www.alkawthar.com/maktaba/list2.htm.

4-  نهج البلاغة. تحقيق. د. صبحي الصالح.ط1. بيروت.1967.

5-  الراغب الأصفهاني. معجم ألفاظ القران. تحقيق. نديم مرعشلي. دار الكاتب العربي. بيروت. 1972.

6-  كمال الحيدري. فلسفة الدين. دار جواد الأئمة.ط1. 2009.بيروت.لبنان.

7-  شرح ابن عقيل.ج1.ط 14.مطبعة السعادة. مصر.1964.

8-  الأصفى.ج1. الفيض الكاشاني.ط1. مكتب الإعلام الإسلامي.قم.إيران.1418هـ .

9-  الصافي. الفيض الكاشاني. ط2- مؤسسة الهادي- قم المقدسة- طهران.1416.

10-الزمخشري. الكشاف. موقع التفاسير http://www.altafsir.com

11-عباس القمي. مفاتيح الجنان. مؤسسة التاريخ العربي.ط2.بيروت.2007.

12- الشريف الرضي. تلخيص البيان في مجازات القران. تصحيح. مكي السيد جاسم. مطبعة المعارف- بغداد. 1955

13-مكارم الشيرازي. تفسير الأمثل.

14-جعفر السبحاني. العقيدة الإسلامية. الوكالة العالمية للتوزيع. بيروت لبنان

15-المشهدي. تحسين فاضل. مصطفى جمال الدين جهوده وظواهر لغوية في شعره.ط1.المكتبة الأدبية المختصة. النجف الأشرف.2006

16- الآلوسي, روح المعاني, ج2. موقع التفاسير.http://WWW altafsir.com

17- الشهرستاني. الملل والنحل

18- الأشعري أبو الحسن. مقالات الإسلامية  http://WWW.alwarraq.com

19- القمي. محمد بن علي بن بابويه الصدوق. التوحيد. تحقيق. السيد هاشم الحسيني البحراني. مركز الأبحاث العقائدية. إيران- طهران.

20- الشاطبي. الجامع لأحكام القران.

21- البيضاوي. أنوار التنزيل من أسرار التأويل. موقع التفاسير.

                                                                                            محمود محمد حسين

                                                                                            الثلاثاء 23/4/2013

                                                                                           12/ج الآخرة/1434