الغَيبة منذ حمله عليه السلام – السيد محمد علي الحلو
الغَيبة منذ حمله عليه السلام
السيد محمد علي الحلو
لم تبنْ أدوار الحمل على السيدة نرجس عليها السلام، ولعلها لم تكن تعلم أيّة آثار في هذا الشأن حتى اللحظات الأخيرة، إخفاءً من الله تعالى للوليد الموعود الذي لا تزال السلطة ترقب من الإمام الحسن العسكري عليه السلام ولادته منه عليه السلام.
فقد تكاملت الدلائل لدى السلطة بأن الثاني عشر القادم سيكون هو المهدي الموعود، والأخبار في هذا الشأن توفرت من فرق المسلمين تروي عن النبي صلى الله عليه واله حتمية ولادته وظهوره ودكه لعروش الظالمين، ولم يبقَ أمام السلطة إلا اتخاذ اللازم لتطويق حالة الظهور.
أُحبطت محاولات السلطة بعد أن تم الحمل بطرقٍ إعجازية أخفت معها دلائله وفوّتت على السلطة إجراءاتها في شأن تصفية الإمام عليه السلام إبان ولادته.
الغيبة إبان ولادته عليه السلام: أحيطت ولادة الإمام عليه السلام بالسرية التامة، وكان للحالات الإعجازية التي رافقتها أثرها البالغ في إخفاق جهود السلطة بإجراءاتها التعسفية في ملاحقة الوليد الجديد، وما كان للإمام الحسن العسكري عليه السلام من جهدٍ مبارك في هذا الشأن حين أخفى وليده الجديد، وفي الوقت نفسه أبلغت قواعده المؤمنة بحلول الوليد الموعود.
وتفاوتت إجراءات التبليغ بين محدودياتها من جهة وإبلاغها إلى أكبر عددٍ ممكنٍ من جهةٍ أخرى، فمشاهدة الوليد اقتصرت على عددٍ (ناشطٍ) من أصحاب الإمام عليه السلام يمكنهم تبليغ ما رأوه بروايته لمجاميع الشيعة المرتبطة بكل فردٍ منهم.
ومن جهته انتهج الإمام العسكري عليه السلام برنامجاً واسعاً بعيد المدى في تبليغه بولادة الإمام المهدي عليه السلام ولأكبر عدد من شيعته، وذلك بعد أن أمر أحد وكلائه بتوزيع لحم وخبز _كما في بعض الروايات_ أو لحم من عقيقة ولده محمد_ كما في رواياتٍ أخرى _ وهو أسلوب يبقي على سرية الولادة الجديدة وفي الوقت نفسه يضمن التبليغ لأكبر عددٍ ممكن من الشيعة حيث توزيع اللحم والعقائق عن الإمام دليل حي وشهادة حسية على ولادة الإمام تتوفر لدى قطاعات الشيعة الواسعة.
وبهذا استطاع الإمام العسكري عليه السلام ممارسة دور التبليغ بولادة ولده لقواعده الواسعة بأسلوب التكتم والسرية التامة، منجزاً بذلك مهمة التبليغ بأدق أساليبها مع السرية التامة التي تضمن سلامة الوليد الجديد.
_________________
كتاب: الغيبة والانتظار (قراءة تاريخ ورؤية مستقبل)
العلامة السيد محمد علي الحلو (طاب ثراه)