حكم الاجتزاء بسماع الأذان عبر الاجهزة الصوتية والتلفاز

334

حكم الاجتزاء بسماع الأذان عبر الاجهزة الصوتية والتلفاز

علي الموزاني

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين.

ذكر الفقهاء في رسائلهم العملية بانه يُستحب الاذان والاقامة استحباباً مؤكداً في الفرائض اليومية اداءً وقضاءً, حضراً وسفراً، قصراً وتماماً، في الصحة والمرض، للجامع والمنفرد، رجلاً كان أو امرأه, وهذا هو المتفق عليه بين المتأخرين والمعاصرين من الفقهاء.

وذهب البعض الى القول بوجوبهم في خصوص صلاة الجماعة (كما عن الشيخ الطوسي في المبسوط قال “ومتى صلى جماعة بغير أذان ولا اقامة لم تحصل فضيلة الجماعة والصلاة ماضية”, واختاره ابن البرّاج وابن حمزة.

وأوجبهما السيد المرتضى على الرجال دون النساء في كل صلاة جماعة في حضر أو سفر وأوجبهما عليهم في السفر والحضر في الفجر والمغرب وصلاة الجمعة وأوجب الإقامة خاصة على الرجال في كل فريضة.

وذهب ابن الجنيد لوجوبهما مطلقاً على الرجال للجمع والانفراد والسفر, وجعلهما أبو الصلاح شرطا في الجماعة.

وقال ابن ابي عقيل: من ترك الأذان والإقامة متعمدا بطلت صلاته, إلا الأذان في الظهر والعصر والعشاء الآخرة فإن الإقامة مجزية عنه ولا اعادة عليه في تركه واما الإقامة فإنه ان تركها متعمدا بطلت صلاته وعليه الإعادة) راجع تفصيل ذلك الحدائق الناظرة الجزء7 ص351-352.

 

ويشترط في الاذان والاقامة امور:

( النية ابتداء واستدامة, والعقل، والايمان, والذكورة للذكور, والترتيب بتقديم الاذان والاقامة, والموالاة بينهما وبين الفصول من كل منهما وبينهما وبين الصلاة, والعربية وترك اللحن في قواعدها, ودخول الوقت, فلا يصحان قبله).

ويسقط الاذان والاقامة معاً في موارد:

( الداخل في الجماعة التي اذنوا لها واقاموا، وان لم يسمع, ولمن يريد انشاء صلاة جماعة بعد جماعة اخرى قد اذنوا لها واقاموا، على ان يكون احدهم مشتركا في الاولى, والداخل الى المسجد قبل تفرق الجماعة، سواء صلى جماعة اماماً ام مأموماً ام منفرداً، بشرط الاتحاد في المكان عرفاً, وإمام الجماعة فانه يجتزئ باذان بعض المأمومين واقامته، وان لم يسمع. كما ان المأموم يجتزئ بسماع الامام. فلو سقط عن الامام بالسماع, اجتزأ ذلك بالنسبة الى من يريد الائتمام به, واذا سمع شخصاً اخر يؤذن ويقيم الصلاة، اماماً كان الاتي بهما ام مأموماً ام منفرداً، وكذا في السامع).

الاجتزاء بسماع الأذان عبر الاجهزة الصوتية والتلفاز

وهنا نريد الكلام فيما اذا سمع شخص الاذان عبر مكبرات الصوت البعيدة او التلفاز او اجهزة التسجيل فهل يحق له الاجتزاء به ويصلي من دون اذان ام لا يجتزأ به.

فاذا لاحظنا الشروط التي ذكرت في المؤذن والأذان نجد بان الأذان يسقط عند سماعه فيما اذا كان مستوفيا للشروط المتقدمة ومن ابرزها دخول الوقت.

فنقول ان سماع صوت الأذان عبر مكبرات الصوت القريبة او البعيدة يمكن الاجتزاء به لأنه مستوفي الشروط المتقدمة, ويدل عليه حديث عمرو بن خالد عن أبي جعفر(ع) قال: (كُنَّا مَعَهُ فَسَمِعَ إِقَامَةَ جَارٍ لَهُ بِالصَّلَاةِ فَقَالَ، قُومُوا فَقُمْنَا فَصَلَّيْنَا مَعَهُ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ، وَقَالَ يُجْزِئُكُمْ أَذَانُ جَارِكُمْ). وسائل الشيعة: ج5 ص٤٣٧.

 

وحديث محمد بن مروان قال سمعت أبا عبد الله(ع) يقول (الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَّ صَوْتِهِ، وَيَشْهَدُ لَهُ كُلُّ شَيْ‌ءٍ سَمِعَهُ). وسائل ج 5 ص 374

وحديث أبي مريم الأنصاري قال: صَلَّى بِنَا أَبُو جَعْفَرٍ(ع)فِي قَمِيصٍ بِلَا إِزَارٍ وَلَا رِدَاءٍ، وَلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ إِلَى أَنْ قَالَ فَقَالَ “ابو مريم”، وَإِنِّي مَرَرْتُ بِجَعْفَرٍ وَهُوَ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ، فَلَمْ أَتَكَلَّمْ فَأَجْزَأَنِي ذَلِكَ). وسائل ج 5 ص 374

وما رواه عبد الله بن المغيرة عن ابن سنان عن أبي عبد الله(ع) قال: (إِذَا أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ فَنَقَصَ الْأَذَانَ، وَأَنْتَ تُرِيدُ أَنْ تُصَلِّيَ بِأَذَانِهِ، فَأَتِمَّ مَا نَقَصَ هُوَ مِنْ أَذَانِهِ).

فما تضمنته هذه الروايات المباركة من جواز الاكتفاء باذان الجار, واجازة الامام لمن سمع اذانه, وجواز رفع الصوت في الاذان, واتمام ما نقص من الاذان والاكتفاء به, فإنها شاملة لسماع صوت الأذان عبر مكبرت الصوت.

واما سماع صوت الأذان عبر اجهزة التسجيل فلا يجوز الاجتزاء به, لأنه فاقد لشروط صحة الاذان من القصد والنية والمباشرة ويدل على ذلك ما رواه عمرو بن سعيد عن مصدق عن عمار عن أبي عبد الله(ع) قال: (سُئِلَ عَنِ الْأَذَانِ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ عَارِفٍ، قَالَ لَا يَسْتَقِيمُ الْأَذَانُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِهِ، إِلَّا رَجُلٌ مُسْلِمٌ عَارِفٌ، فَإِنْ عَلِمَ الْأَذَانَ وَأَذَّنَ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَارِفاً، لَمْ يُجْزِ أَذَانُهُ وَلَا إِقَامَتُهُ وَلَا يُقْتَدَى بِهِ). وسائل الشيعة: ج5 ص431.

 

فلا يصدق على اجهزة التسجيل انها عارفة بالأذان ولا يتوفر فيها الشروط المتقدمة.

واما سماع الأذان عبر أجهزة التلفاز فهنا صورتان:

الأولى: ان يكون الأذان تسجيلاً وليس بثاً مباشراً فحكمة حكم اجهزة التسجيل, فلا يجتزأ به.

والثانية: ان يكون الأذان حي كما هو في مكة المكرمة او العتبات الدينية وتنقله القنوات الفضائية مباشرة فهنا يجوز الاجتزاء بسماعه ويشمله ما تقدم من روايات سماع الأذان لانها مطلقة ولم تحدد طريقة السمع بل صرحت البعض منها بان (الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَّ صَوْتِهِ), بشرط ان يشترك المؤذن والسامع في وقت دخول الصلاة ويدل على ذلك ما رواه معاوية بن وهب عن ابي عبد الله(ع)في حديث قال: لَا تَنْتَظِرْ بِأَذَانِكَ وَإِقَامَتِكَ، إِلَّا دُخُولَ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَاحْدُرْ إِقَامَتَكَ حَدْراً) وسائل ج5, ص٣٨٩.